وقوله : ولا تكتمونه يحتمل وجهين ، أحدهما : واو الحال ، والجملة بعدها نصب على الحال أي : لتبيننه غير كاتمين . والثاني : أنها للعطف ، وأن الفعل بعدها مقسم عليه أيضا ، وإنما لم يؤكد بالنون لأنه منفي ، تقول : "والله لا يقوم زيد " من غير نون . وقال : "ولم يأت بها في " تكتمونه "اكتفاء بالتوكيد في الأول لأن " تكتمونه "توكيد " ، وظاهر عبارته أنه لو لم يكن بعد مؤكد بالنون لزم توكيده ، وليس كذلك لما تقدم . وقوله : "لأنه توكيد " يعني أن نفي الكتمان عنهم من قوله : أبو البقاء لتبيننه للناس ، فجاء قوله : ولا تكتمونه توكيدا في المعنى .
واستحسن الشيخ هذا الوجه - أعني جعل الواو عاطفة لا حالية - قال : "لأن هذا الوجه الأول يحتاج إلى إضمار مبتدأ بعد الواو حتى تصير [ ص: 524 ] الجملة اسمية ، لأن المضارع المنفي بـ " لا "لا يصح دخول الواو عليه . وغيره يقول : إنها تمتنع إذا كان مضارعا مثبتا فيفهم من هذا أن المضارع المنفي بكل ناف لا يمتنع دخولها عليه .
وقرأ " لتبينونه "من غير توكيد . قال عبد الله : " وقد لا تلزم هذه النون لام التوكيد ، قال ابن عطية "انتهى . والمعروف من مذهب البصريين لزومهما معا ، والكوفيون يجيزون تعاقبهما في سعة الكلام ، وأنشدوا : سيبويه
1506 - وعيشك يا سلمى لأوقن أنني لما شئت مستحل ولو أنه القتل
وقال آخر :
1507 - يمينا لأبغض كل امرئ يزخرف قولا ولا يفعل
فأتى باللام وحدها ، وقد تقدم هذا مرة أخرى بأشبع من هذا الكلام .
وقرأ : " ميثاق النبيين " . والضمير في قوله : " فنبذوه "يعود على الناس المبين لهم ، لاستحالة عوده على النبيين ، وكان قد تقدم لك في قوله تعالى : ابن عباس وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم أنه في أحد الأوجه على [ ص: 525 ] حذف مضاف ، أي : أولاد النبيين ، فلا بعد في تقديره هنا ، أعني قراءة . ابن عباس