و"لولا" هذه تختص بالمبتدأ، ولا يجوز أن يليها الأفعال، فإن ورد ما ظاهره ذلك أول كقوله:
520 - ولولا يحسبون الحلم عجزا لما عدم المسيئون احتمالي
وتأويله أن الأصل: ولولا أن يحسبوا، فلما حذفت ارتفع الفعل كقوله:
521 - ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... ... ... ...
أي: أن أحضر، والمرفوع بعدها مبتدأ خلافا حيث رفعه بفعل مضمر، للكسائي حيث قال: "مرفوع بنفس لولا"، وخبره واجب الحذف للدلالة عليه وسد شيء مسده وهو جوابها، والتقدير: ولولا فضل الله كائن أو حاصل، ولا يجوز أن يثبت إلا في ضرورة شعر، ولذلك لحن وللفراء المعري في قوله:
522 - يذيب الرعب منه كل عضب فلولا الغمد يمسكه لسالا
حيث أثبت خبرها بعدها، هكذا أطلقوا.
وبعضهم فصل فقال: إن كان خبر ما بعدها كونا مطلقا فالحذف واجب، وعليه جاء التنزيل وأكثر الكلام، وإن كان كونا مقيدا فلا يخلو: إما أن يدل عليه دليل أو لا، فإن لم يدل [ ص: 411 ] عليه دليل وجب ذكره، نحو قوله عليه السلام: وقول الآخر: "لولا قومك حديثو عهد بكفر"
523 - فلولا بنوها حولها لخبطتها ... ... ... ...
وإن دل عليه دليل جاز الذكر والحذف، نحو: لولا زيد لغلبنا، أي شجاع، وعليه بيت المعري المتقدم، وقال : "ولزم حذف الخبر للعلم به وطول الكلام، فإن وقعت "أن" بعدها ظهر الخبر، كقوله: "فلولا أنه كان من المسبحين" فالخبر في اللفظ لـ"أن" وهذا الذي قاله موهم، ولا تعلق لخبر "أن" بالخبر المحذوف ولا يغني عنه البتة فهو كغيره سواء، والتقدير: فلولا كونه مسبحا حاضر أو موجود، فأي فائدة في ذكره لهذا؟ والخبر يجب حذفه في صور أخرى، يطول الكتاب بذكرها وتفصيلها، وإنما تأتي - إن شاء الله - مفصلة في مواضعها، وقد تقدم معنى الفضل عند قوله أبو البقاء فضلتكم على العالمين .
قوله: لكنتم من الخاسرين اللام جواب لولا.
واعلم أن جوابها إن كان مثبتا فالكثير دخول اللام كهذه الآية ونظائرها، ويقل حذفها، قال:
524 - لولا الحياء وباقي الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري
[ ص: 412 ] وإن كان منفيا فلا يخلو: إما أن يكون حرف النفي "ما" أو غيرها، إن كان غيرها فترك اللام واجب، نحو: لولا زيد لم أقم، أو لن أقوم، لئلا يتوالى لامان، وإن كان بـ"ما" فالكثير الحذف، ويقل الإتيان بها، وهكذا حكم جواب "لو" الامتناعية، وقد تقدم عند قوله: ولو شاء الله لذهب بسمعهم ولا محل لجوابها من الإعراب.
و من الخاسرين في محل نصب خبرا لـ"كان"، ومن للتبعيض.