وقوله في سم الخياط متعلق بـ "يلج". وسم الخياط ثقب الإبرة وهو الخرت، وسينه مثلثة، وكل ثقب ضيق فهو سم. وقيل: كل ثقب في البدن، وقيل: كل ثقب في أنف أو أذن فهو سم، وجمعه سموم، قال الفرزدق:
2194 - فنفست عن سميه حتى تنفسا وقلت له لا تخش شيئا ورائيا
والسم: القاتل سمي بذلك للطفه وتأثيره في مسام البدن حتى يصل إلى القلب، وهو في الأصل مصدر ثم أريد به معنى الفاعل لدخوله باطن البدن، وقد سمه إذا أدخله فيه، ومنه "السامة" للخاصة الذين يدخلون في بواطن [ ص: 319 ] الأمور ومسامها، ولذلك يقال لهم الدخلل. والسموم: الريح الحارة لأنها تؤثر تأثير السم القاتل. والخياط والمخيط الآلة التي يخاط بها فعال ومفعل كإزار ومئزر ولحاف وملحف وقناع ومقنع. ولا يقال للبعير جمل إلا إذا بزل. وقيل: لا يقال له ذلك إلا إذا بلغ أربع سنين، وأول ما يخرج ولد الناقة ولم تعرف ذكوريته أو أنوثته يقال له: سليل، فإن كان ذكرا فهو سقب، والأنثى حائل، ثم هو حوار إلى الفطام وبعده فصيل إلى سنة، وفي الثانية ابن مخاض وبنت مخاض، وفي الثالثة ابن لبون وبنت لبون، وفي الرابعة حق وحقة، وفي الخامسة جذع وجذعة، وفي السادسة ثني وثنية، وفي السابعة رباع ورباعية مخففة، وفي الثامنة سديس لهما، وقيل: سديسة للأنثى، وفي التاسعة بازل وبازلة، وفي العاشرة مخلف ومخلفة، وليس بعد البزول والإخلاف سن بل يقال: بازل عام أو عامين ومخلف عام أو عامين حتى يهرم فيقال له فود.
والولوج: الدخول بشدة ولذلك يقال: هو الدخول في مضيق فهو أخص من الدخول. والوليجة: كل ما يعتمده الإنسان، والوليجة: الداخل في قوم ليس منهم.
والجمل قراءة العامة وهو تشبيه في غاية الحسن، وذلك أن الجمل أعظم حيوان عند العرب وأكبره جثة حتى قال:
2195 - . . . . . . . . . . . . . . . . جسم الجمال وأحلام العصافير
2196 - لقد كبر البعير بغير لب . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وسم الإبرة في غاية الضيق، فلما كان المثل يضرب بعظم هذا وكبره، وبضيق ذاك حتى قيل: أضيق من خرت الإبرة، ومنه الخريت وهو البصير بمضايق الطرق قيل: لا يدخلون الجنة حتى يتقحم أعظم الأشياء وأكبرها عند العرب في أضيق الأشياء وأصغرها، فكأنه قيل: لا يدخلون حتى يوجد هذا المستحيل، ومثله في المعنى قول الآخر:
2197 - إذا شاب الغراب أتيت أهلي وصار القار كاللين الحليب
وقرأ في رواية ابن عباس ابن حوشب ومجاهد وابن يعمر وأبو مجلز والشعبي ومالك بن الشخير وابن محيصن وأبو رجاء وأبو رزين وأبان عن "الجمل" بضم الجيم وفتح الميم مشددة وهو القلس. والقلس: حبل غليظ يجمع من حبال كثيرة فيفتل وهو حبل السفينة وقيل: الحبل الذي يصعد به [إلى] النخل، ويروى عن عاصم: أنه قال: "إن الله أحسن تشبيها من أن يشبه بالجمل" كأنه رأى إن صح عنه أن المناسب لسم الإبرة شيء يناسب الخيط المسلوك فيها. وقال ابن عباس "الراوي ذلك عن الكسائي: أعجمي فشدد الميم". وضعف ابن عباس قول ابن عطية بكثرة رواتها عن [ ص: 321 ] الكسائي قراءة. قلت: وكذلك هي قراءة مشهورة بين الناس. وروى ابن عباس عن مجاهد ضم الجيم وفتح الميم خفيفة، وهي قراءة ابن عباس ابن جبير وقتادة وسالم الأفطس.
وقرأ أيضا في رواية ابن عباس الجمل بضم الجيم والميم مخففة، وبها قرأ عطاء: الضحاك والجحدري. وقرأ عكرمة بضم الجيم وسكون الميم. وابن جبير والمتوكل بالفتح والسكون، وكلها لغات في القلس المذكور. وسئل وأبو الجوزاء عن الجمل في الآية، فقال: زوج الناقة، كأنه فهم ما أراد السائل فاستغباه. وقرأ ابن مسعود عبد الله وقتادة وأبو رزين "سم" بضم السين. وطلحة: وأبو عمران الحوفي وأبو نهيك والأصمعي عن سم بالكسر. وقد تقدم أنها لغات. وقرأ نافع: عبد الله وأبو رزين وأبو مجلز: المخيط بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الياء. بفتح الميم. وهذه مخالفة للسواد. وطلحة
قوله: وكذلك أي: ومثل ذلك الجزاء نجزي المجرمين، فالكاف نعت لمصدر محذوف.