617 - إذا ما القلب أشرب حب شيء فلا تأمل له الدهر انصرافا
وعبر بالشرب دون الأكل، لأن الشرب يتغلغل في باطن الشيء بخلاف [ ص: 6 ] الأكل، فإنه مجاوز، ومنه في المعنى:
618 - جرى حبها مجرى دمي في مفاصلي . . . . . . . .
وقال بعضهم:
619 - تغلغل حب عثمة في فؤادي فباديه مع الخافي يسير
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا حزن ولم يبلغ سرور
أكاد إذا ذكرت العهد منها أطير لو أن إنسانا يطير
وقيل: الإشراب هنا حقيقة، لأنه يروى أن موسى عليه السلام برد العجل بالمبرد ثم جعل تلك البرادة في ماء وأمرهم بشربه، فمن كان يحب العجل ظهرت البرادة على شفتيه، وهذا وإن كان قال به السدي، وغيرهما، فيرده قوله: "في قلوبهم". وابن جريج
قوله: "بكفرهم" فيه وجهان، أظهرهما: أنها للسببية متعلقة بـ "أشربوا"، أي: أشربوا بسبب كفرهم السابق. والثاني: أنها بمعنى "مع"، يعنون بذلك أنها للحال، وصاحبها في الحقيقة ذلك المضاف المحذوف أي: أشربوا حب عبادة العجل مختلطا بكفرهم. والمصدر مضاف للفاعل، أي: بأن كفروا. "قل بئسما يأمركم" كقوله: "بئسما اشتروا" فليلتفت إليه.
[ ص: 7 ] قوله: "إن كنتم مؤمنين" يجوز فيها الوجهان السابقان من كونها نافية وشرطية، وجوابها محذوف تقديره: "فبئسما يأمركم". وقيل: تقديره: فلا تقتلوا أنبياء الله ولا تكذبوا الرسل ولا تكتموا الحق، وأسند الإيمان إليهم تهكما بهم، ولا حاجة إلى حذف صفة أي: إيمانكم الباطل، أو حذف مضاف أي: صاحب إيمانكم. وقرأ "بهو إيمانكم" بضم الهاء مع الواو وقد تقدم أنها الأصل. الحسن: