قوله: حتى عفوا "حتى" هنا غاية، وتقدير من قدرها بـ إلى فإنما يريد تفسير المعنى لا الإعراب، لأن "حتى" الجارة لا تباشر إلا المضارع المنصوب بإضمار "أن" لأنها في التقدير داخلة على المصدر المنسبك منها ومن الفعل، وأما الماضي فلا يطرد حذف "أن" معه، فلا يقدر معه أنها حرف جر داخلة على "أن" المصدرية أي: حتى أن عفوا، وهذا الذي ينبغي أن يحمل عليه قول "حتى عفوا: إلى أن عفوا". [ ص: 389 ] ومعنى "عفوا" هنا كثروا، من عفا السعر: إذا كثر، ومنه أبي البقاء: يقال: عفاه وأعفاه ثلاثيا ورباعيا. قال "وأعفوا اللحى" زهير:
2250 – أذلك أم أقب البطن جأب عليه من عقيقته عفاء
وفي الحديث: وأنشد "إذا عفا الوبر وبرأ الدبر فقد حلت العمرة لمن اعتمر" على ذلك قول الزمخشري الحطيئة:
2251 - بمستأسد القريان عاف نباته . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقول لبيد:
2252 - ولكنا نعض السيف منها بأسوق عافيات الشحم كوم
وهذا المادة قد تقدم تحقيقها في البقرة.
قوله: فأخذناهم قال هو عطف على أبو البقاء: "عفوا". يريد: [ ص: 390 ] وما عطف عليه أيضا، أعني أن الآخذ ليس متسببا عن العفاء فقط، بل عليه وعلى قولهم تلك المقالة الجاهلية; لأن المعنى ليس أنه لمجرد كثرتهم ونمو أموالهم أخذهم بغتة بل بمجموع الأمرين، بل الظاهر أنه بقولهم ذلك فقط.
وقوله: وهم لا يشعرون حال أيضا، وهي في قوة المؤكدة لأن "بغتة" تفيد إفادتها، سواء أعربنا "بغتة" حالا أم مصدرا.