وقال وجاز أن ترد "يفعل" على فعل في جواب "لو" كقوله: الفراء: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر قوله: "فنذر" مردود على "لقضي". قلت: وهذا هو قول الجمهور، ومفعول "يشاء" محذوف لدلالة جواب "لو" عليه، والتقدير: لو يشاء تعذيبهم أو الانتقام منهم. وأتى جوابها بغير لام وإن كان مبنيا على أحد الجائزين، وإن كان الأكثر خلافه، كقوله تعالى: لو نشاء جعلناه أجاجا . [ ص: 395 ] قوله: ونطبع في هذه الجملة أوجه، أحدها: أنها نسق على "أصبناهم" وجاز عطف المضارع على الماضي لأنه بمعناه وقد تقدم أن "لو" تخلص المضارع للمضي، ولما حكى الشيخ كلام المتقدم قال: فجعل "لو" شرطية بمعنى "إن" ولم يجعلها التي هي "لما" كان سيقع لوقوع غيره، ولذلك جعل "أصبنا" بمعنى نصيب. ومثال وقوع "لو" بمعنى "إن" قوله: ابن الأنباري
2253 - لا يلفك الراجيك إلا مظهرا خلق الكرام ولو تكون عديما
وهذا الذي قاله رده ابن الأنباري من حيث المعنى، لكن بتقدير أن يكون "ونطبع" بمعنى طبعنا، فيكون قد عطف المضارع على الماضي لكونه بمعنى الماضي، الزمخشري جعل التأويل في "أصبنا" الذي هو جواب "لو نشاء"، فجعله بمعنى نصيب، فتأول المعطوف عليه وهو جواب "لو نشاء"، فجعله بمعنى نصيب، فتأول المعطوف ورده إلى المضي، وأنتج رد وابن الأنباري أن كلا التقديرين لا يصح. الزمخشري
قال فإن قلت: هل يجوز أن يكون "ونطبع" بمعنى طبعنا، كما كان الزمخشري: "لو نشاء" بمعنى لو شئنا، ويعطف على "أصبناهم"؟ قلت: لا يساعد على المعنى، لأن القوم كانوا مطبوعا على قلوبهم، موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذنوب والإصابة بها، وهذا التفسير يؤدي إلى خلوهم من هذه الصفة، وأن الله لو شاء لاتصفوا بها . قال الشيخ: وهذا الرد [ ص: 396 ] ظاهره الصحة، وملخصه أن المعطوف على الجواب جواب سواء تأولنا المعطوف عليه أم المعطوف، وجواب "لو" لم يقع بعد، سواء كانت حرفا لما كان سيقع لوقوع غيره أم بمعنى "إن" الشرطية، والإصابة لم تقع، والطبع على القلوب واقع فلا يصح أن تعطف على الجواب. فإن تؤول "ونطبع" على معنى: ونستمر على الطبع على قلوبهم أمكن التعاطف لأن الاستمرار لم يقع بعد وإن كان الطبع قد وقع" . قلت: فهذا الوجه الأول ممتنع لما ذكره الزمخشري.
الوجه الثاني: أن يكون "نطبع" مستأنفا ومنقطعا عما قبله فهو في نية خبر مبتدأ محذوف أي: ونحن نطبع. وهذا اختيار أبي إسحاق وجماعة. والزمخشري
الوجه الثالث: أن يكون معطوفا على "يرثون الأرض" قاله قال الشيخ: وهو خطأ لأن المعطوف على الصلة صلة و "يرثون" صلة للذين، فيلزم الفصل بين أبعاض الصلة بأجنبي، فإن قوله الزمخشري. "أن لو نشاء": إما فاعل ليهد أو مفعوله كما تقدم، وعلى كلا التقديرين فلا تعلق له بشيء من الصلة، وهو أجنبي منها فلا يفصل به بين أبعاضها، وهذا الوجه مؤد على ذلك فهو خطأ.
الرابع: أن يكون معطوفا على ما دل عليه معنى "أو لم يهد لهم" كأنه قيل: يغفلون عن الهداية ونطبع على قلوبهم. قاله أيضا. قال [ ص: 397 ] الشيخ: وهو ضعيف; لأنه إضمار لا يحتاج إليه، إذ قد صح عطفه على الاستئناف من باب العطف على الجمل فهو معطوف على مجموع الجملة المصدرة بأداة الاستفهام، وقد قاله الزمخشري وغيره . الزمخشري
قوله: فهم لا يسمعون أتى بالفاء هنا إيذانا بتعقيب عدم سماعهم على أثر الطبع على قلوبهم.