يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين
قوله تعالى: حرض المؤمنين على القتال قال : تأويله حثهم . [ ص: 378 ] وتأويل التحريض في اللغة: أن يحث الإنسان على الشيء حثا يعلم معه أنه حارض إن تخلف عنه . والحارض:الذي قد قارب الهلاك . الزجاج
قوله تعالى: إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين لفظ هذا الكلام لفظ الخبر ، ومعناه الأمر ، والمراد: يقاتلوا مائتين ، وكان هذا فرضا في أول الأمر ، ثم نسخ بقوله: الآن خفف الله عنكم ففرض على الرجل أن يثبت لرجلين ، فإن زادوا جاز له الفرار . قال وهذا التشديد كان في يوم مجاهد: بدر . واتفق القراء على قوله إن يكن منكم فقرؤوا "يكن" بالياء ، واختلفوا في قوله: وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا وفي قوله: ( فإن تكن منكم مائة صابرة ) فقرأ ابن كثير ، ونافع ، بالتاء فيهما . وقرأهما وابن عامر: عاصم ، وحمزة ، بالياء . وقرأ والكسائي: "يكن منكم مائة يغلبوا" بالياء ، "فإن تكن منكم مائة صابرة "بالتاء . قال أبو عمرو : من أنث ، فللفظ المائة; ومن ذكر ، فلأن المائة وقعت على عدد مذكر . وقال الزجاج أبو علي: من قرأ بالياء ، فلأنه أريد منه المذكر ، بدليل قوله: "يغلبوا" وكذلك المائة الصابرة هم رجال ، فقرؤوها بالياء ، لموضع التذكير . فأما فإنه لما رأى صفة المائة مؤنثة بقوله: "صابرة" أنث الفعل ، ولما رأى "يغلبوا" مذكرا ، ذكر . ومعنى الكلام: إن يكن منكم عشرون صابرون يثبتون عند اللقاء ، يغلبوا مائتين ، لأن المؤمنين يحتسبون أفعالهم ، وأهل الشرك يقاتلون على غير احتساب ولا طلب ثواب ، فإذا صدقهم المؤمنون القتال لم يثبتوا; وذلك معنى قوله: أبو عمرو ، لا يفقهون
قوله تعالى: وعلم وروى "وعلم" بضم العين "أن فيكم ضعفا" بضم الضاد . وقرأ المفضل عاصم ، بفتح الضاد . وكذلك خلافهم في [الروم:55] ، قال وحمزة: الضم لغة الفراء: قريش ، والفتح لغة تميم . قال : والمعنى في القراءتين [ ص: 379 ] واحد ، يقال: هو الضعف والضعف ، والمكث والمكث ، والفقر والفقر ، وفي اللغة كثير من باب فعل وفعل ، والمعنى واحد . وقرأ الزجاج "وعلم أن فيكم ضعفاء" على فعلاء . فأما قوله: أبو جعفر بإذن الله فهو إعلام بأن الغلبة لا تقع إلا بإرادته .