أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم
قوله تعالى: أجعلتم سقاية الحاج في سبب نزولها ستة أقوال .
أحدها: رواه في "صحيحه" من حديث مسلم قال: النعمان بن بشير المسجد الحرام ، وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم ، فزجرهم وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يوم الجمعة ، ولكني إذا صليت الجمعة ، دخلت فاستفتيت رسول الله فيما اختلفتم فيه ، فنزلت هذه الآية . عمر ، كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد [الإسلام إلا] أن أسقي الحاج ، وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد [الإسلام إلا] أن أعمر
[ ص: 410 ] والثاني: أن قال يوم العباس بن عبد المطلب بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني ، فنزلت هذه الآية ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
والثالث: أن المشركين قالوا: عمارة بيت الله الحرام ، والقيام على السقاية ، خير ممن آمن وجاهد ، وكانوا يفتخرون بالحرم من أجل أنهم أهله ، فنزلت هذه الآية ، رواه عطية العوفي عن ابن عباس .
والرابع: أن عليا والعباس - يعني سادن وطلحة الكعبة افتخروا ، فقال طلحة: أنا صاحب البيت ، بيدي مفتاحه ، ولو أشاء بت فيه . وقال أنا صاحب السقاية ، والقائم عليها ، ولو أشاء بت في المسجد . وقال العباس: علي: ما أدري ما تقولون ، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فنزلت هذه الآية ، قاله الحسن ، والشعبي ، والقرظي .
والخامس: أنهم لما أمروا بالهجرة قال أنا أسقي الحاج ، وقال العباس: طلحة: أنا صاحب الكعبة فلا نهاجر ، فنزلت هذه الآية والتي بعدها ، قاله هكذا ذكر مجاهد . وإنما الصواب مجاهد ، لأن عثمان بن طلحة ، طلحة هذا لم يسلم .
والسادس: أن قال عليا ألا تلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألست في أفضل من الهجرة ، ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر للعباس: المسجد الحرام؟ فنزلت هذه الآية والتي بعدها ، قاله المرة الهمداني ، قال وابن سيرين . : ومعنى الآية: أجعلتم أهل سقاية الحاج وأهل عمارة الزجاج المسجد الحرام كمن آمن بالله؟ فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه . قال كان ينبذ زبيب ، فيسقون [ ص: 411 ] الحاج في الموسم . وقال الحسن: : عمارة المسجد: تجميره ، وتخليقه ، فأخبر الله أن أفعالهم تلك لا تنفعهم مع الشرك ، وسماهم ظالمين لشركهم . ابن عباس
قوله تعالى: أعظم درجة قال : هو منصوب على التمييز . والمعنى: أعظم من غيرهم درجة . والفائز: الذي يظفر بأمنيته من الخير . فأما النعيم ، فهو لين العيش ، والمقيم: الدائم . الزجاج