قوله تعالى: يحلفون بالله ما قالوا في سبب نزولها ثلاثة أقوال .
أحدها: الجلاس بن سويد: إن كان ما يقول على إخواننا حقا ، لنحن شر من الحمير . فقال والله إنه لصادق ، ولأنتم شر من الحمير; وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فأتى عامر بن قيس: الجلاس فقال: ما قلت شيئا ، فحلفا عند المنبر ، فنزلت هذه الآية ، قاله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر المنافقين فعابهم; فقال عن أبو صالح وذهب إلى نحوه ابن عباس ، الحسن ، ومجاهد ، وابن سيرين .
[ ص: 471 ] والثاني: أن عبد الله بن أبي قال: والله لئن رجعنا إلى المدينة ، ليخرجن الأعز منها الأذل ، فسمعه رجل من المسلمين ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه ، فجعل يحلف بالله ما قال ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة .
والثالث: أن المنافقين كانوا إذا خلوا سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وطعنوا في الدين; فنقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ذلك ، فحلفوا ما قالوا شيئا ، فنزلت هذه الآية ، حذيفة قاله فأما كلمة الكفر ، فهي سبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطعنهم في الدين . وفي سبب قوله: الضحاك . وهموا بما لم ينالوا أربعة أقوال .
أحدها: أنها نزلت في ابن أبي حين قال: لئن رجعنا إلى المدينة ، رواه عن أبو صالح وبه قال ابن عباس ، قتادة .
والثاني: أنها نزلت فيهم حين هموا بقتل رسول الله ، رواه عن مجاهد قال: والذي هم رجل يقال له: ابن عباس ، الأسود . وقال هم خمسة عشر رجلا ، هموا بقتله ليلة العقبة . مقاتل:
والثالث: أنه لما قال بعض المنافقين: إن كان ما يقول محمد حقا ، فنحن شر من الحمير; وقال له رجل من المؤمنين . لأنتم شر من الحمير ، هم المنافق بقتله; فذلك قوله: وهموا بما لم ينالوا هذا قول مجاهد .
والرابع: أنهم قالوا في غزوة تبوك: إذا قدمنا المدينة ، عقدنا على رأس عبد الله بن أبي تاجا نباهي به رسول الله صلى الله عليه وسلم; فلم ينالوا ما هموا به .
قوله تعالى: وما نقموا إلا أن أغناهم الله قال أي: ليس ينقمون شيئا ، ولا يتعرفون من الله إلا الصنع ، ومثله قول الشاعر: ابن قتيبة:
ما نقم الناس من أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبوا [ ص: 472 ] وأنهم سادة الملوك ولا
تصلح إلا عليهم العرب
وهذا ليس مما ينقم ، وإنما أراد أن الناس لا ينقمون عليهم شيئا ، وكقول النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
أي: ليس فيهم عيب . قال : كانوا قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس المدينة في ضنك من معاشهم ، فلما قدم عليهم ، غنموا ، وصارت لهم الأموال . فعلى هذا ، يكون الكلام عاما . وقال هذا في قتادة: عبد الله بن أبي . وقال هو عروة: الجلاس بن سويد ، قتل له مولى ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته ، فاستغنى; فلما نزلت فإن يتوبوا يك خيرا لهم قال الجلاس: أنا أتوب إلى الله .
قوله تعالى: وإن يتولوا أي: يعرضوا عن الإيمان . قال : كما تولى ابن عباس عبد الله بن أبي ، يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا بالقتل ، وفي الآخرة بالنار .