وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم
قوله تعالى : " وقال " يعني نوحا للذين أمر بحملهم " اركبوا " السفينة . قال : ركبوا فيها لعشر مضين من رجب ، وخرجوا منها يوم عاشوراء . وقال ابن عباس : رفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر مضين من رجب ، فأتت [ ص: 108 ] موضع البيت فطافت به أسبوعا ، وكان البيت قد رفع في ذلك الوقت ، ورست بباقردى على ابن جريج الجودي يوم عاشوراء . وقال : قرض الفأر حبال السفينة ، فشكا ابن عباس نوح ذلك ، فأوحى الله تعالى إليه ، فمسح ذنب الأسد ، فخرج سنوران وكان في السفينة عذرة ، فشكا ذلك إلى ربه ، فأوحى الله تعالى إليه ، فمسح ذنب الفيل ، فخرج خنزيران فأكلا ذلك .
قوله تعالى : " بسم الله مجراها ومرساها " قرأ ، ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر وأبوبكر عن : " مجراها " بضم الميم . وقرأ عاصم ، حمزة ، والكسائي وحفص عن : " مجراها " بفتح الميم وكسر الراء . وكلهم قرؤوا بضم الميم من " مرساها " إلا أن عاصم ، ابن كثير وأبا عمرو ، ، وابن عامر وحفصا عن ، كانوا يفتحون السين . عاصم ، ونافع عن وأبو بكر ، كانا يقرآنها بين الكسر والتفخيم . وكان عاصم ، حمزة ، والكسائي ، يميلونها . وليس في هؤلاء أحد جعلها نعتا لله ، وإنما جعل الوصفين نعتا لله تعالى ، وخلف ، الحسن ، وقتادة وحميد الأعرج ، وإسماعيل بن مجالد عن ، فقرؤوا " مجريها ومرسيها " بضم الميم وبياءين صحيحتين ، مثل مبديها ومنشيها . وقرأ عاصم : " مجراها " بفتح الميم ، وإمالة الراء بعدها ألف ، " ومرساها " برفع الميم ، وإمالة السين بعدها ألف . وقرأ ابن مسعود أبو رزين ، : " مجراها " بفتح الميم والراء ، وبألف بعدها ، ومرساها ، برفع الميم وفتح السين ، وبألف بعدها . وقرأ وأبو المتوكل ، أبو الجوزاء : " مجراها ومرساها " بفتح الميم فيهما جميعا ، وفتح الراء والسين ، وبألف بعدهما . [ ص: 109 ] وقرأ وابن يعمر يحيى بن وثاب بفتح الميمين ، إلا أنه أمال الراء والسين فيهما . وقرأ ، أبو عمران الجوني ، برفع الميم فيهما ، وفتح الراء والسين ، وبألف بعدهما جميعا . فمن قرأ بضم الميمين ، جعله من أجرى وأرسى . ومن فتحهما ، جعله مصدرا من جرى الشيء يجري مجرى ، ورسى يرسي مرسى . قال وابن جبير : قوله " بسم الله " أي : بالله ، والمعنى : أنه أمرهم أن يسموا في وقت جريها ووقت استقرارها . الزجاج
ومن قرأ بضم الميمين ، فالمعنى : بالله إجراؤها ، وبالله إرساؤها . ومن فتحهما ، فالمعنى : بالله يكون جريها ، وبالله يقع إرساؤها ، أي : إقرارها . وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول : من ضم الميم في " مجراها " أراد : أجراها الله مجرى ، ومن فتحها ، أراد : جرت مجرى . وقال : كان إذا أراد أن تجري ، قال : بسم الله فجرت . وإذا أراد أن ترسي ، قال : بسم الله ، فرست . الضحاك