[ ص: 134 ] فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود
قوله تعالى : " فلما ذهب عن إبراهيم الروع " يعني الفزع الذي أصابه حين امتنعوا من الأكل . " يجادلنا " فيه إضمار أخذ وأقبل يجادلنا ، والمراد : يجادل رسلنا .
قال المفسرون : لما قالوا له : إنا مهلكو أهل هذه القرية [العنكبوت :31] ، قال : أتهلكون قرية فيها مائة مؤمن ؟ قالوا : لا . قال : أتهلكون قرية فيها خمسون مؤمنا ؟ قالوا : لا . قال : أربعون ؟ قالوا : لا . فما زال ينقص حتى قال : فواحد ؟ قالوا : لا . فقال حينئذ : إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها [العنكبوت :31] ، هذا قول . وقال غيره : قيل له : إن كان فيهم خمسة لم نعذبهم ، فما كان فيهم سوى ابن إسحاق لوط وابنتيه . وقال : قال لهم أتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمنا ؟ قالوا : لا ; وكان سعيد بن جبير إبراهيم يعدهم أربعة عشر مع امرأة لوط ، فسكت واطمأنت نفسه ; وإنما كانوا ثلاثة عشر فأهلكوا .
قوله تعالى : " إن إبراهيم لحليم أواه " قد فسرناه في (براءة :114) . فعند ذلك قالت الرسل لإبراهيم : " يا إبراهيم أعرض عن هذا " يعنون الجدال . " إنه قد جاء أمر ربك " بعذابهم . وقيل : قد جاء عذاب ربك ، فليس بمردود ، لأن الله قد قضى به .