وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين
[ ص: 196 ] قوله تعالى : " وشروه " هذا حرف من حروف الأضداد ، تقول شريت الشيء ، بمعنى بعته ; وشريته ، بمعنى اشتريته . فإن كان بمعنى باعوه ، ففيهم قولان :
أحدهما : أنهم إخوته ، وهو قول الأكثرين .
والثاني : أنهم السيارة ، ولم يبعه إخوته ، قاله ، الحسن . وإن كان بمعنى اشتروه ، فإنهم السيارة . وقتادة
قوله تعالى : " بثمن بخس " فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الحرام ، قاله ، ابن عباس ، والضحاك في آخرين . وقتادة
والثاني : أنه القليل ، قاله ، والشعبي ، قال عكرمة : البخس : الخسيس الذي بخس به البائع . ابن قتيبة
والثالث : الناقص ، وكانت الدراهم عشرين درهما في العدد ، وهي تنقص عن عشرين في الميزان ، قاله . أبو سليمان الدمشقي
قوله تعالى : " دراهم معدودة " قال : إنما قيل : " معدودة " ليستدل بها على القلة . وقال الفراء : أي : يسيرة ، سهل عددها لقلتها ، فلو كانت كثيرة لثقل عددها . وقال ابن قتيبة : كانوا في ذلك الزمان لا يزنون أقل من أربعين درهما ، وقيل : إنما لم يزنوها لزهدهم فيه . ابن عباس
وفي عدد تلك الدراهم خمسة أقوال :
أحدها : عشرون درهما ، قاله ، ابن مسعود في رواية ، وابن عباس في رواية ، وعكرمة ونوف الشامي ، ، ووهب بن منبه ، والشعبي وعطية ، ، والسدي في آخرين . ومقاتل
والثاني : عشرون درهما وحلة ، ونعلان ، روي عن أيضا . ابن عباس
[ ص: 197 ] والثالث : اثنان وعشرون درهما ، رواه عن أبو صالح ، وبه قال ابن عباس . مجاهد
والرابع : أربعون درهما ، قاله في رواية ، عكرمة . وابن إسحاق
والخامس : ثلاثون درهما ، ونعلان ، وحلة ، وكانوا قالوا له بالعبرانية : إما أن تقر لنا بالعبودية ، وإما أن نأخذك منهم فنقتلك ، قال : بل أقر لكم بالعبودية ، ذكره عن بعض أشياخه . إسحاق بن بشر
قال المفسرون : اقتسموا ثمنه ، فاشتروا به نعالا وخفافا .
وكان بعض الصالحين يقول : والله ما يوسف - وإن باعه أعداؤه - بأعجب منك في بيعك نفسك بشهوة ساعة من معاصيك .
قوله تعالى : " وكانوا فيه من الزاهدين " الزهد : قلة الرغبة في الشيء .
وفي المشار إليهم قولان : أحدهما : أنهم إخوته ، قاله ; فعلى هذا ، في هاء " فيه " قولان : ابن عباس
أحدهما : أنها ترجع إلى يوسف ، لأنهم لم يعلموا مكانه من الله تعالى ، قاله ، الضحاك . والثاني : أنها ترجع إلى الثمن . وفي علة زهدهم قولان : أحدهما : رداءته . والثاني : أنهم قصدوا بعد وابن جريج يوسف ، لا الثمن .
والثاني : أنهم السيارة الذين اشتروه .
وفي علة زهدهم ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم ارتابوا لقلة ثمنه . والثاني : أن إخوته وصفوه عندهم بالخيانة والإباق . والثالث : لأنهم علموا أنه حر .