فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين
قوله تعالى : " فلما رجعوا إلى أبيهم " قال المفسرون : لما عادوا إلى يعقوب ، قالوا : يا أبانا ، قدمنا على خير رجل ، أنزلنا ، وأكرمنا كرامة ، لو كان رجلا من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته .
وفي قوله : " منع منا الكيل " قولان قد تقدما في قوله : فلا كيل لكم عندي [يوسف :61] .
فإن قلنا : إنه لم يكل لهم ، فلفظ " منع " بين .
وإن قلنا : إنه خوفهم منع الكيل ، ففي المعنى قولان :
أحدهما : حكم علينا بمنع الكيل بعد هذا الوقت ، كما تقول للرجل : دخلت والله النار بما فعلت .
[ ص: 251 ] والثاني : أن المعنى : يا أبانا يمنع منا الكيل إن لم ترسله معنا ، فناب " منع " عن " يمنع " كقوله : يحسب أن ماله أخلده [الهمزة :3] أي : يخلده ، وقوله : ونادى أصحاب النار [الأعراف :50] ، وإذ قال الله يا عيسى [المائدة :116] أي : وإذ يقول ، ذكرهما . ابن الأنباري
قوله تعالى : " فأرسل معنا أخانا نكتل " قرأ ، ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم : " نكتل " بالنون . وقرأ وابن عامر ، حمزة : " يكتل " بالياء . والمعنى : إن أرسلته معنا اكتلنا ، وإلا فقد منعنا الكيل . والكسائي
قوله تعالى : " هل آمنكم عليه " أي : لا آمنكم إلا كأمني على يوسف ، يريد أنه لم ينفعه ذلك الأمن إذ خانوه . " فالله خير حفظا " قرأ ، ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر عن وأبو بكر : " حفظا " ، والمعنى : خير حفظا من حفظكم . وقرأ عاصم ، حمزة ، والكسائي وحفص عن : " خير حافظا " بألف . قال عاصم أبو علي : ونصبه على التمييز دون الحال .