قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون .
هذه الآية نزلت في نفر من اليهود ، كانوا إذا لقوا النبي والمؤمنين قالوا: آمنا ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض ، قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ، هذا قول ابن عباس ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وقتادة ، وعطاء الخرساني ، وابن زيد ، ومقاتل .
وفي معنى بما فتح الله عليكم قولان . أحدهما: بما قضى الله عليكم ، والفتح: القضاء ، ومنه قوله تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق [ الأعراف: 89 ] قال عن أشياخه: كان ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا ، فكانوا يحدثون المؤمنين بما عذبوا به ، فقال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم . [من العذاب ، ليقولوا: نحن أحب إلى الله منكم ، وأكرم على الله منكم ] . والثاني: أن معناه: بما علمكم الله . قال السدي ابن عباس وأبو العالية الذي فتحه عليهم: ما أنزله من التوراة في صفة وقتادة: محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وقال كان المسلم يلقى حليفه ، أو أخاه من الرضاعة من اليهود ، فيسأله: أتجدون مقاتل: محمدا في كتابكم؟ فيقولون: نعم ، إنه لحق . فسمع كعب بن الأشرف وغيره ، فقال لليهود في السر: أتحدثون أصحاب محمد بما فتح الله عليكم ، أي: بما بين لكم في التوراة من أمر محمد ليخاصموكم به عند ربكم باعترافكم أنه نبي ، أفلا تعقلون أن هذا حجة عليكم؟! [ ص: 105 ] قوله تعالى: عند ربكم فيه قولان . أحدهما: أنه بمعنى: في حكم ربكم ، كقوله تعالى: فأولئك عند الله هم الكاذبون [ النور: 13 ] . والثاني: أنه أراد يوم القيامة .