قوله تعالى : " سواء منكم " قال : ناب " سواء " عن مستو ، والمعنى : مستو منكم " ابن الأنباري من أسر القول " أي : أخفاه وكتمه " ومن جهر به " أعلنه وأظهره ، والمعنى : أن السر والجهر سواء عنده .
قوله تعالى : " ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار " فيه قولان :
أحدهما : أن المستخفي : هو المستتر المتواري في ظلمة الليل ، والسارب بالنهار : الظاهر المتصرف في حوائجه . يقال : سربت الإبل تسرب : إذا مضت في الأرض ظاهرة ، وأنشدوا :
أرى كل قوم قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب
[ ص: 310 ] أي : ذاهب . ومعنى الكلام : أن الظاهر والخفي عنده سواء ، هذا قول الأكثرين . وروى عن العوفي : " ابن عباس ومن هو مستخف " قال : صاحب ريبة بالليل ، فإذا خرج بالنهار ، أرى الناس أنه بريء من الإثم .
والثاني : أن المستخفي بالليل : الظاهر ، والسارب بالنهار : المستتر ، يقال : انسرب الوحش : إذا دخل في كناسه ، وهذا قول ، وذكره الأخفش قطرب أيضا ، واحتج له بقولهم : خفيت الشيء : إذا أظهرته ، ومنه ابن جرير أكاد أخفيها [طه :15] بفتح الألف ، أي : أظهرها ، قال : وإنما قيل للمتواري : سارب ، لأنه صار في السرب مستخفيا .