أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر [ ص: 333 ] من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد .
قوله تعالى : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت يعني : نفسه عز وجل . ومعنى القيام هاهنا : التولي لأمور خلقه ، والتدبير لأرزاقهم وآجالهم ، وإحصاء أعمالهم للجزاء ، والمعنى : أفمن هو مجازي كل نفس بما كسبت ، يثيبها إذا أحسنت ، ويأخذها بما جنت ، كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام ؟ قال : فترك جوابه ، لأن المعنى معلوم ، وقد بينه بعد هذا بقوله : " الفراء وجعلوا لله شركاء " كأنه قيل : كشركائهم .
قوله تعالى : " قل سموهم " أي : بما يستحقونه من الصفات وإضافة الأفعال إليهم إن كانوا شركاء لله كما يسمى الله بالخالق ، والرازق ، والمحيي ، والمميت ، ولو سموهم بشيء من هذا لكذبوا .
قوله تعالى : " أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض " هذا استفهام منقطع مما قبله ، والمعنى : فإن سموهم بصفات الله ، فقل لهم : أتنبئونه ، أي : أتخبرونه بشريك له في الأرض وهو لا يعلم لنفسه شريكا ، ولو كان لعلمه .
قوله تعالى : " أم بظاهر من القول " فيه ثلاثة أقوال :
أحدهما : أم بظن من القول ، قاله . والثاني : بباطل ، قاله مجاهد . والثالث : بكلام لا أصل له ولا حقيقة . قتادة
قوله تعالى : " بل زين للذين كفروا مكرهم " قال : زين لهم الشيطان الكفر . ابن عباس
قوله تعالى : " وصدوا عن السبيل " قرأ ، ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو : " وصدوا " بفتح الصاد ، ومثله في (حم المؤمن) [غافر :37] . وقرأ [ ص: 334 ] وابن عامر ، عاصم ، وحمزة : " وصدوا " بالضم فيهما . فمن فتح ، أراد صدوا المسلمين ، إما عن الإيمان ، أو عن البيت الحرام . ومن ضم ، أراد : صدهم الله عن سبيل الهدى . والكسائي