ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون
[ ص: 386 ] قوله تعالى : " ولو فتحنا عليهم بابا من السماء " يعني : كفار مكة " فظلوا فيه يعرجون " أي : يصعدون ، يقال : ظل يفعل كذا : إذا فعله بالنهار .
وفي المشار إليهم بهذا الصعود قولان :
أحدهما : أنهم الملائكة ، قاله ، ابن عباس ، فالمعنى : لو كشف عن أبصار هؤلاء فرأوا بابا مفتوحا في السماء والملائكة تصعد فيه ، لما آمنوا به . والضحاك
والثاني : أنهم المشركون ، قاله ، الحسن ، فيكون المعنى : لو وصلناهم إلى صعود السماء ، لم يستشعروا إلا الكفر ، لعنادهم . وقتادة
قوله تعالى : " لقالوا إنما سكرت أبصارنا " قرأ الأكثرون بتشديد الكاف . وقرأ ، وعبد الوارث بتخفيفها . قال ابن كثير : ومعنى القراءتين متقارب ، والمعنى : حبست ، من قولهم : سكرت الريح : إذا سكنت وركدت . وقال الفراء : معنى " سكرت " بالتخفيف ، مأخوذ من سكر الشراب ، يعني : أن الأبصار حارت ، ووقع بها من فساد النظر مثل ما يقع بالرجل السكران من تغير العقل ، قال أبو عمرو بن العلاء : إذا كان هذا كان معنى التخفيف ، فسكرت ، بالتشديد ، يراد به وقوع هذا الأمر مرة بعد مرة . وقال ابن الأنباري أبو عبيد : " سكرت " بالتشديد ، من السكور التي تمنع الماء الجرية ، فكأن هذه الأبصار منعت من النظر كما يمنع السكر الماء من الجري . وقال : " سكرت " بالتشديد ، فسروها : أغشيت ، و " سكرت " بالتخفيف : تحيرت وسكنت عن أن تنظر ، الزجاج والعرب تقول : سكرت الريح تسكر : إذا سكنت . وروى عن العوفي : " ابن عباس إنما سكرت أبصارنا " قال : أخذ بأبصارنا وشبه علينا ، وإنما سحرنا . وقال : " مجاهد سكرت " سدت بالسحر ، فيتماثل لأبصارنا غير ما ترى .