[ ص: 472 ] ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم
قوله تعالى : " ضرب الله مثلا " أي : بين شبها فيه بيان المقصود ، وفيه قولان :
أحدهما : أنه مثل للمؤمن والكافر . فالذي " لا يقدر على شيء " هو الكافر ، لأنه لا خير عنده ، وصاحب الرزق هو المؤمن ، لما عنده من الخير ، هذا قول ، ابن عباس . وقتادة
والثاني : أنه مثل ضربه الله تعالى لنفسه وللأوثان ، لأنه مالك كل شيء ، وهي لا تملك شيئا ، هذا قول ، مجاهد . وذكر في التفسير أن هذا المثل ضرب بقوم كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيهم قولان : والسدي
أحدهما : أن المملوك : أبو الجوار ، وصاحب الرزق الحسن : سيده ، رواه هشام بن عمرو عن عكرمة . وقال ابن عباس : المملوك : مقاتل أبو الحواجر .
والثاني : أن المملوك : أبو جهل بن هشام ، وصاحب الرزق الحسن : رضي الله عنه ، قاله أبو بكر الصديق . فأما قوله : " ابن جريج هل يستوون " ولم يقل : يستويان ، لأن المراد : الجنس . وقال : لفظ " من " لفظ توحيد ، ومعناها معنى الجمع ، ولم يقع المثل بعبد معين ، ومالك معين ، لكن عني [ ص: 473 ] بهما جماعة عبيد ، وقوم مالكون ، فلما فارق من تأويل الجمع ، جمع عائدها لذلك . ابن الأنباري
وقوله تعالى : " الحمد لله " أي : هو المستحق للحمد ، لأنه المنعم ، ولا نعمة للأصنام ، " بل أكثرهم " يعني المشركين :لا يعلمون " أن الحمد لله . قال العلماء : وصف أكثرهم بذلك ، والمراد : جميعهم .
قوله تعالى : " وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم " قد فسرنا " البكم " في (البقرة :18) . ومعنى " لا يقدر على شيء " أي : من الكلام ، لأنه لا يفهم ولا يفهم عنه . " وهو كل على مولاه " قال : أي : ثقل على وليه وقرابته . وفيمن أريد بهذا المثل أربعة أقوال : ابن قتيبة
أحدها : أنه مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر ، فالكافر هو الأبكم ، والذي يأمر بالعدل [هو] المؤمن ، رواه عن العوفي . ابن عباس
والثاني : أنها نزلت في ، هو الذي يأمر بالعدل ، وفي مولى له كان يكره الإسلام وينهى عثمان بن عفان عن النفقة في سبيل الله ، وهو الأبكم ، رواه عثمان إبراهيم بن يعلى بن منية عن . ابن عباس
والثالث : أنه مثل ضربه الله تعالى لنفسه ، وللوثن . فالوثن : هو الأبكم ، والله تعالى : هو الآمر بالعدل ، وهذا قول ، مجاهد ، وقتادة وابن السائب ، . ومقاتل
والرابع : أن المراد بالأبكم : أبي بن خلف ، وبالذي يأمر بالعدل : ، حمزة ، وعثمان بن عفان ، قاله وعثمان بن مظعون . فيخرج على هذه الأقوال في معنى " مولاه " قولان : عطاء
أحدهما : أنه مولى حقيقة ، إذا قلنا : إنه رجل من الناس .
والثاني : أنه بمعنى الولي ، إذا قلنا : إنه الصنم ، فالمعنى : وهو ثقل على [ ص: 474 ] وليه الذي يخدمه ويزينه .
ويخرج في معنى " أينما يوجهه " قولان : إن قلنا : إنه رجل ، فالمعنى : أينما يرسله ، والتوجيه : الإرسال في وجه من الطريق . وإن قلنا : إنه الصنم ، ففي معنى الكلام قولان : أحدهما : أينما يدعوه ، لا يجيبه ، قاله . والثاني : أينما توجه تأميله إياه ورجاه له ، لا يأته ذلك بخير ، فحذف التأميل ، وخلفه الصنم ، كقوله : مقاتل ما وعدتنا على رسلك [آل عمران :194] أي : على ألسنة رسلك . وقرأ عن البزي ابن محيصن " أينما توجهه " بالتاء على الخطاب . فأما قوله : " لا يأت بخير " فإن قلنا : هو رجل ، فإنما كان كذلك ، لأنه لا يفهم ما يقال له ، ولا يفهم عنه ، إما لكفره وجحوده ، أو لبكم به . وإن قلنا : إنه الصنم ، فلكونه جمادا . " هل يستوي هو " أي : هذا الأبكم " ومن يأمر بالعدل " أي : ومن هو قادر على التكلم ، ناطق الحق .