وفرق شيخنا علي بن عبيد الله بين التقوى والورع ، فقال: التقوى: أخذ عدة ، والورع: دفع شبهة ، فالتقوى: متحقق السبب ، والورع: مظنون المسبب .
واختلف العلماء في معنى هذه الآية على ثلاثة أقوال .
أحدها: أن ظاهرها النفي ، ومعناها النهى ، وتقديرها: لا ينبغي لأحد أن يرتاب به لإتقانه وإحكامه . ومثله: ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء [ يوسف: 38 ] . أي: ما ينبغي لنا . ومثله: فلا رفث ولا فسوق [ البقرة: 196 ] وهذا مذهب الخليل ، وابن الأنباري .
[ ص: 24 ] والثاني: أن معناها: لا ريب فيه أنه هدى للمتقين . قاله المبرد .
والثالث: أن معناها: لا ريب فيه أنه من عند الله ، قاله في آخرين . مقاتل
فإن قيل: فقد ارتاب به قوم . فالجواب أنه حق في نفسه ، فمن حقق النظر فيه علم .
قال الشاعر:
ليس في الحق يا أمامة ريب [إنما الريب ما يقول الكذوب ]
فإن قيل: فالمتقي مهتد ، فما فائدة اختصاص الهداية به؟
فالجواب من وجهين . أحدهما: أنه أراد المتقين ، والكافرين ، فاكتفى بذكر أحد الفريقين ، كقوله تعالى: سرابيل تقيكم الحر [ النحل: 81 ] . أراد: والبرد .
والثاني: أنه خص المتقين لانتفاعهم به ، كقوله: إنما أنت منذر من يخشاها [ النازعات: 45 ] . وكان منذرا لمن يخشى ولمن لا يخشى .