وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنـزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا   يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا    . وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا   أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا   
قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا  أي : لا يخافون البعث لولا  أي : هلا أنزل علينا الملائكة  فكانوا رسلا إلينا وأخبرونا بصدقك،  [ ص: 82 ] أو نرى ربنا  فيخبرنا أنك رسوله ، لقد استكبروا في أنفسهم  أي : تكبروا حين سألوا هذه الآيات وعتوا عتوا كبيرا  قال  الزجاج   : العتو في اللغة : مجاوزة القدر في الظلم . 
قوله تعالى: يوم يرون الملائكة  فيه قولان . 
أحدهما : عند الموت . والثاني : يوم القيامة . 
قال  الزجاج   : وانتصب اليوم على معنى : لا بشرى للمجرمين يوم يرون الملائكة ، و يومئذ  مؤكد لـ يوم يرون الملائكة   ; والمعنى أنهم يمنعون البشرى في ذلك اليوم ; ويجوز أن يكون " يوم " منصوبا على معنى : اذكر يوم يرون الملائكة ، ثم أخبر فقال : لا بشرى  ، والمجرمون هاهنا : الكفار . 
قوله تعالى: ويقولون حجرا محجورا  وقرأ  قتادة  ،  والضحاك  ، ومعاذ القارئ   : " حجرا " بضم الحاء . قال  الزجاج   : وأصل الحجر في اللغة : ما حجرت عليه ، أي : منعت من أن يوصل إليه ، ومنه حجر القضاة على الأيتام . 
وفي القائلين لهذا قولان . 
أحدهما : أنهم الملائكة يقولون للكفار : حجرا محجورا ، أي : حراما محرما . وفيما حرموه عليهم قولان . أحدهما : البشرى ، فالمعنى : حرام محرم أن تكون لكم البشرى ، قاله  الضحاك  ،  والفراء  ،  وابن قتيبة  ،  والزجاج   . والثاني : أن تدخلوا الجنة ، قاله  مجاهد   . 
والثاني : أنه قول المشركين إذا عاينوا العذاب ، ومعناه الاستعاذة من الملائكة ، روي عن  مجاهد  أيضا . وقال  ابن فارس   : كان الرجل إذا لقي من يخافه في الشهر الحرام ، قال : حجرا ، أي : حرام عليك أذاي ، فإذا رأى  [ ص: 83 ] المشركون الملائكة يوم القيامة ، قالوا : حجرا محجورا ، يظنون أنه ينفعهم كما كان ينفعهم في الدنيا  . 
قوله تعالى: وقدمنا  قال  ابن قتيبة   : أي : قصدنا وعمدنا ، والأصل أن من أراد القدوم إلى موضع عمد له وقصده . 
قوله تعالى: إلى ما عملوا من عمل   [أي] من أعمال الخير فجعلناه هباء  لأن العمل لا يتقبل مع الشرك . 
وفي الهباء خمسة أقوال . 
أحدها : أنه ما رأيته يتطاير في الشمس التي تدخل من الكوة مثل الغبار ، قاله علي  عليه السلام ،  والحسن  ،  ومجاهد  ،  وسعيد بن جبير  ،  وعكرمة  ، واللغويون ; والمعنى أن الله أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء . 
والثاني : أنه الماء المهراق ، رواه ابن أبي طلحة  عن  ابن عباس   . 
والثالث : أنه ما تنسفه الرياح وتذريه من التراب وحطام الشجر ، رواه  عطاء الخراساني  عن  ابن عباس   . 
والرابع : أنه الشرر الذي يطير من النار إذا أضرمت ، فإذا وقع لم يكن شيئا رواه عطية  عن  ابن عباس  ، 
والخامس : أنه ما يسطع من حوافر الدواب ، قاله  مقاتل   . والمنثور : المتفرق . 
قوله تعالى: أصحاب الجنة يومئذ  أي : يوم القيامة ، خير مستقرا   [ ص: 84 ] أفضل منزلا من المشركين وأحسن مقيلا  قال  الزجاج   : المقيل : المقام وقت القائلة ، وهو النوم نصف النهار . وقال الأزهري   : القيلولة عند العرب   : الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن مع ذلك نوم . وقال  ابن مسعود  ،  وابن عباس   : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار  . 
				
						
						
