أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون . أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين . قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون . وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين . قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون . ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون . وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن [ ص: 187 ] صدورهم وما يعلنون . وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين
قوله تعالى: أمن يجيب المضطر وهو : المكروب المجهود ; ويكشف السوء يعني الضر ويجعلكم خلفاء الأرض أي : يهلك قرنا وينشئ آخرين ، و تذكرون بمعنى تتعظون . وقرأ بالياء ، والباقون بالتاء . أبو عمرو أمن يهديكم أي : يرشدكم إلى مقاصدكم إذا سافرتم في ظلمات البر والبحر وقد بيناها في (الأنعام : 63 ، 97) وشرحنا ما يليها من الكلمات فيما مضى [الأعراف: 57 ويونس : 4] إلى قوله : وما يشعرون يعني من في السماوات والأرض أيان يبعثون أي : متى يبعثون بعد موتهم .
[ ص: 188 ] قوله تعالى: بل ادارك علمهم في الآخرة قرأ ، ابن كثير : " بل أدرك " قال وأبو عمرو : " بل " بمعنى " أم " والمعنى : لم يدرك علمهم ، وقال مجاهد : المعنى : هل ادرك علمهم علم الآخرة؟ فعلى هذا يكون المعنى : إنهم لا يقفون في الدنيا على حقيقة العلم بالآخرة . وقرأ الفراء ، نافع ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة : " والكسائي بل ادارك " على معنى : بل تدارك ، أي : تتابع وتلاحق ، فأدغمت التاء في الدال . ثم في معناها قولان .
أحدهما : بل تكامل علمهم يوم القيامة لأنهم مبعوثون ، قاله . وقال الزجاج : ما جهلوه في الدنيا ، علموه في الآخرة . ابن عباس
والثاني : بل تدارك ظنهم وحدسهم في الحكم على الآخرة ، فتارة يقولون : إنها كائنة ، وتارة يقولون : لا تكون ، قاله . وروى ابن قتيبة أبو بكر عن : " بل ادرك " على وزن افتعل من أدركت . عاصم
قوله تعالى: بل هم في شك منها أي : بل هم اليوم في شك من القيامة بل هم منها عمون قال : أي : من علمها وما بعد هذا قد سبق بيانه [النحل :127 ، المؤمنون : 35 ، 82] إلى قوله : ابن قتيبة متى هذا الوعد يعنون : العذاب الذي تعدنا . قل عسى أن يكون ردف لكم قال : قرب لكم . وقال ابن عباس : تبعكم ، واللام زائدة ، كأنه قال : ردفكم . ابن قتيبة
وفي ما تبعهم مما استعجلوه قولان .
أحدهما : يوم بدر . والثاني : عذاب القبر .
قوله تعالى: وإن ربك لذو فضل على الناس قال : على أهل مقاتل مكة حين لا يعجل عليهم بالعذاب .
قوله تعالى: وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم أي : ما تخفيه [ ص: 189 ] وما يعلنون بألسنتهم من عداوتك وخلافك ; والمعنى أنه يجازيهم عليه .
وما من غائبة أي : وما من جملة غائبة ، إلا في كتاب يعني اللوح المحفوظ ; والمعنى : إن علم ما يستعجلونه من العذاب بين عند الله وإن غاب عن الخلق .