وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون . أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين
وما كان ربك مهلك القرى يعني القرى الكافر أهلها حتى يبعث [ ص: 234 ] في أمها أي : في أعظمها رسولا ، وإنما خص الأعظم ببعثة الرسول ، لأن الرسول إنما يبعث إلى الأشراف ، وأشراف القوم ملوكهم وإنما يسكنون المواضع التي هي أم ما حولها . وقال : أم القرى : قتادة مكة ، والرسول : محمد .
قوله تعالى: يتلو عليهم آياتنا قال : يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا . مقاتل
قوله تعالى: وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون أي : بظلمهم أهلكهم . وظلمهم : شركهم . وما أوتيتم من شيء أي : ما أعطيتم من مال وخير فمتاع الحياة الدنيا تتمتعون به أيام حياتكم ثم يفنى وينقضي ، وما عند الله من الثواب خير وأبقى أفضل وأدوم لأهله أفلا تعقلون أن الباقي أفضل من الفاني؟!
قوله تعالى: أفمن وعدناه وعدا حسنا اختلف فيمن نزلت على أربعة أقوال . أحدها : أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل . والثاني : في علي عليهما السلام ، وحمزة وأبي جهل . والقولان مرويان عن . والثالث : في المؤمن والكافر ، قاله مجاهد . والرابع : في قتادة عمار والوليد بن المغيرة ، قاله [ ص: 235 ] وفي الوعد الحسن قولان . أحدهما : الجنة . والثاني : النصر . السدي .
قوله تعالى: فهو لاقيه أي : مصيبه ومدركه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا أي : كمن هو ممتع بشيء يفنى ويزول عن قريب ثم هو يوم القيامة من المحضرين فيه قولان . أحدهما : من المحضرين في عذاب الله ، قاله . والثاني : من المحضرين للجزاء ، حكاه قتادة . الماوردي