قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى أي : من عشيرته ; وفي نسبه إلى موسى ثلاثة أقوال .
أحدها : أنه كان ابن عمه ، رواه عن سعيد بن جبير ، وبه قال ابن عباس عبد الله بن الحارث ، وإبراهيم ، . وابن جريج
والثاني : ابن خالته ، رواه عن عطاء . ابن عباس
والثالث : أنه كان عم موسى ، قاله . ابن إسحاق
قال : " الزجاج قارون " اسم أعجمي لا ينصرف ، ولو كان " فاعولا " من العربية من " قرنت الشيء " لا نصرف .
قوله تعالى: فبغى عليهم فيه خمسة أقوال . أحدها : أنه جعل لبغي جعلا على أن تقذف موسى بنفسها ، ففعلت ، فاستحلفها موسى على ما قالت ، فأخبرته بقصتها ، فكان هذا بغيه ، قاله . والثاني : أنه بغى بالكفر بالله تعالى ، قاله ابن عباس . والثالث : بالكبر ، قاله الضحاك . والرابع : أنه زاد في طول ثيابه شبرا ، قاله قتادة ، عطاء الخراساني . والخامس : أنه كان يخدم وشهر بن حوشب فرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم حكاه . [ ص: 240 ] وفي المراد بمفاتحه قولان . الماوردي
أحدهما : أنها مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب ، قاله ، مجاهد . وروى وقتادة عن الأعمش خيثمة قال : كانت مفاتيح قارون وقر ستين بغلا ، وكانت من جلود ، كل مفتاح مثل الإصبع .
والثاني : أنها خزائنه ، قاله ، السدي وأبو صالح ، . قال والضحاك : وهذا الأشبه أن تكون مفاتحه خزائن ماله ; وإلى نحو هذا ذهب الزجاج . قال ابن قتيبة : كانت خزائنه تحمل على أربعين بغلا . أبو صالح
قوله تعالى: لتنوء بالعصبة أي : تثقلهم وتميلهم . ومعنى الكلام : لتنئ العصبة ، فلما دخلت الباء في " العصبة " انفتحت التاء ، كما تقول : هذا يذهب بالأبصار ، وهذا يذهب الأبصار ، وهذا اختيار ، الفراء ، وابن قتيبة في آخرين . وقال بعضهم : هذا من المقلوب ، وتقديره : ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه ، كما يقال : إنها لتنوء بها عجيزتها ، أي : هي تنوء بعجيزتها وأنشدوا : والزجاج
فديت بنفسه نفسي ومالي وما آلوك إلا ما أطيق
أي : فديت بنفسي وبمالي نفسه ، وهذا اختيار ، أبي عبيدة . وقد بينا معنى العصبة في سورة (يوسف : 8) ، و[في] المراد بها [ها هنا] ستة أقوال . أحدها : أربعون رجلا ، رواه والأخفش عن العوفي . والثاني : ما بين الثلاثة إلى العشرة ، رواه ابن عباس عن الضحاك . والثالث : خمسة عشر ، قاله ابن عباس . والرابع : فوق العشرة إلى الأربعين ، قاله مجاهد . والخامس : سبعون رجلا ، قاله قتادة . والسادس : ما بين الخمسة عشر إلى الأربعين ، حكاه أبو صالح . الزجاج
[ ص: 241 ] قوله تعالى: إذ قال له قومه في القائل له قولان . أحدهما : أنهم المؤمنون من قومه ، قاله . والثاني : أنه قول السدي موسى له ، حكاه . الماوردي
قوله تعالى: لا تفرح قال : المعنى : لا تأشر ، ولا تبطر ، قال الشاعر : ابن قتيبة
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولا جازع من صرفه المتحول
أي : لست بأشر ، فأما السرور ، فليس بمكروه . إن الله لا يحب الفرحين وقرأ ، أبو رجاء وأبو حيوة ، وعاصم الجحدري ، : " الفارحين " [بألف] . وابن أبي عبلة
قوله تعالى: وابتغ فيما آتاك الله أي : اطلب فيما أعطاك الله من الأموال . وقرأ ، أبو المتوكل وابن السميفع : " واتبع " بتشديد التاء وكسر الباء بعدها وعين ساكنة غير معجمة (الدار الآخرة) وهي : الجنة ; وذلك يكون بإنفاقه في رضى الله تعالى وشكر المنعم به ولا تنس نصيبك من الدنيا فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أن يعمل في الدنيا للآخرة ، قاله ، ابن عباس ، والجمهور . والثاني : أن يقدم الفضل ويمسك ما يغنيه ، قاله ومجاهد . والثالث : أن يستغني بالحلال عن الحرام ، قاله الحسن . قتادة
وفي معنى : وأحسن كما أحسن الله إليك ثلاثة أقوال حكاها . أحدها : أعط فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك . والثاني : أحسن فيما [ ص: 242 ] افترض عليك كما أحسن في إنعامه إليك . والثالث : أحسن في طلب الحلال كما أحسن إليك في الإحلال . الماوردي
قوله تعالى: ولا تبغ الفساد في الأرض فتعمل فيها بالمعاصي .
قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون .
قوله تعالى: إنما أوتيته يعني المال على علم عندي فيه خمسة أقوال .
أحدها : على علم عندي بصنعة الذهب ، رواه عن أبو صالح ; قال ابن عباس : وهذا لا أصل له ، لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له . والثاني : برضى الله عني قاله الزجاج ابن زيد . والثالث : على خير علمه الله عندي ، قاله . والرابع : إنما أعطيته لفضل علمي ، قاله مقاتل . قال الفراء : ادعى أنه أعطي المال لعلمه بالتوراة . والخامس : على علم عندي بوجوه المكاسب ، حكاه الزجاج . الماوردي
[ ص: 243 ] قوله تعالى: أولم يعلم يعني قارون أن الله قد أهلك بالعذاب من قبله من القرون في الدنيا حين كذبوا رسلهم من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا للأموال .
وفي قوله : ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ثلاثة أقوال . أحدها : لا يسألون ليعلم ذلك من قبلهم وإن سئلوا سؤال توبيخ ، قاله . والثاني : أن الملائكة تعرفهم بسيماهم فلا تسألهم عن ذنوبهم ، قاله الحسن . والثالث : يدخلون النار بغير حساب ، قاله مجاهد . وقال قتادة : يعذبون ولا يسألون عن ذنوبهم . السدي