ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين
قوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وقرأ أبي بن كعب، وأبو مجلز : وعاصم الجحدري: " إحسانا " بألف . وقرأ ابن مسعود ، وأبو رجاء : " حسنا " بفتح الحاء والسين .
[ ص: 257 ] روى أبو عثمان النهدي عن سعد بن أبي وقاص، قال: في أنزلت هذه الآية ،كنت رجلا برا بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد! ما هذا الدين الذي قد أحدثت، لتدعن دينك هذا أولا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي فيقال: يا قاتل أمه، قلت: لا تفعلي يا أماه، إني لا أدع ديني هذا لشيء، قال: فمكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد جهدت، ثم مكثت يوما آخر وليلة لا تأكل، فلما رأيت ذلك قلت: تعلمين والله يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء، فكلي، وإن شئت لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، فأنزلت هذه الآية . وقيل: إنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة، وقد جرى له مع أمه نحو هذا . وذكر بعض المفسرين أن هذه الآية، والتي في (لقمان): 15 وفي (الأحقاف): 15 نزلن في قصة سعد .
[ ص: 258 ] قال الزجاج: من قرأ: " حسنا " فمعناه: ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه ما يحسن، ومن قرأ: " إحسانا " فمعناه: ووصينا الإنسان أن يحسن إلى والديه، وكان " حسنا " أعم في البر .
وإن جاهداك قال أبو عبيدة: مجاز هذا الكلام مجاز المختصر الذي فيه ضمير، والمعنى: وقلنا له: وإن جاهداك .
قوله تعالى: لتشرك بي معناه: لتشرك بي شريكا لا تعلمه لي وليس لأحد بذلك علم، فلا تطعهما .
قوله تعالى: لندخلنهم في الصالحين أي: في زمرة الصالحين في الجنة . وقال مقاتل: " في " بمعنى " مع " .


