أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير . قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون . وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم
أولم يروا [قرأ ابن كثير، ونافع، ، وأبو عمرو [ ص: 265 ] " يروا " ] بالياء وقرأ وابن عامر: حمزة، بالتاء . [وعن والكسائي: كالقراءتين] . وعنى بالكلام كفار عاصم مكة كيف يبدئ الله الخلق أي :كيف يخلقهم ابتداء من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة إلى أن يتم الخلق ثم يعيده أي: ثم هو يعيده في الآخرة عند البعث . وقال مجازه: أولم يروا كيف استأنف الله الخلق الأول ثم يعيده . وفيه لغتان: أبدأ وأعاد، وكان مبدئا ومعيدا، وبدأ وعاد، وكان بادئا وعائدا . أبو عبيدة:
قوله تعالى: إن ذلك على الله يسير يعني الخلق الأول والخلق الثاني .
قوله تعالى: قل سيروا في الأرض أي: انظروا إلى المخلوقات التي في الأرض، وابحثوا عنها هل تجدون لها خالقا غير الله، فإذا علموا أنه لا خالق لهم سواه، لزمتهم الحجة في الإعادة، وهو قوله: ثم الله ينشئ النشأة الآخرة أي: ثم الله ينشئهم عند البعث نشأة أخرى . وأكثر القراء قرؤوا: " النشأة " بتسكين الشين وترك المد . وقرأ ابن كثير، : " النشاءة " بالمد . وأبو عمرو
قوله تعالى: يعذب من يشاء فيه قولان .
أحدهما: أنه في الآخرة بعد إنشائهم .
والثاني: أنه في الدنيا . ثم فيه خمسة أقوال حكاها أحدها: يعذب من يشاء بالحرص، ويرحم من يشاء بالقناعة . والثاني: يعذب بسوء الخلق ويرحم بحسن الخلق والثالث : يعذب بمتابعة البدعة، ويرحم بملازمة السنة . والرابع: يعذب بالانقطاع إلى الدنيا، ويرحم بالإعراض عنها . والخامس: يعذب من يشاء ببغض الناس له، ويرحم من يشاء بحب الناس له . الماوردي .
قوله تعالى: وإليه تقلبون أي: تردون . وما أنتم بمعجزين في الأرض فيه قولان حكاهما الزجاج .
[ ص: 266 ] أحدهما: وما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا أهل السماء بمعجزين في السماء .
والثاني: وما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا لو كنتم في السماء وقال قطرب: هذا كقولك: ما يفوتني فلان لا هاهنا ولا بالبصرة، أي: ولا بالبصرة لو صار إليها . قال والخطاب لكفار مقاتل: مكة; والمعنى: لا تسبقون الله حتى يجزيكم بأعمالكم السيئة، وما لكم من دون الله من ولي أي: قريب ينفعكم ولا نصير يمنعكم من الله .
قوله تعالى: والذين كفروا بآيات الله ولقائه أي: بالقرآن والبعث أولئك يئسوا من رحمتي في الرحمة قولان . أحدهما: الجنة، قاله والثاني: العفو والمغفرة، قاله مقاتل . قال أبو سليمان . وذلك في الآخرة عند رؤية العذاب . ابن جرير: