قوله تعالى: وقال الذين كفروا يعني مشركي مكة لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه يعنون التوراة والإنجيل، وذلك أن مؤمني أهل الكتاب قالوا: إن صفة محمد في كتابنا، فكفر أهل مكة بكتابهم .
ثم أخبر عن حالهم في القيامة فقال: ولو ترى إذ الظالمون يعني مشركي مكة موقوفون عند ربهم في الآخرة يرجع بعضهم إلى بعض القول أي: يرد بعضهم على بعض في الجدال واللوم يقول الذين استضعفوا وهم الأتباع للذين استكبروا وهم الأشراف والقادة: لولا أنتم لكنا مؤمنين أي: مصدقين بتوحيد الله; والمعنى: أنتم منعتمونا عن الإيمان; فأجابهم المتبوعون فقالوا: أنحن صددناكم عن الهدى أي: منعناكم عن الإيمان بعد إذ جاءكم به الرسول؟ بل كنتم مجرمين بترك الإيمان- وفي هذا تنبيه للكفار على أن طاعة بعضهم لبعض في الدنيا تصير سببا للعداوة في الآخرة- فرد عليهم الأتباع فقالوا: بل مكر الليل والنهار أي: بل مكركم بنا في الليل والنهار . قال [ ص: 458 ] وهذا مما تتوسع فيه الفراء: العرب لوضوح معناه، كما يقولون: ليله قائم، ونهاره صائم، فتضيف الفعل إلى غير الآدميين، والمعنى لهم . وقال وهذا كقوله: الأخفش: من قريتك التي أخرجتك [محمد: 13] قال جرير:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ونمت وما ليل المطي بنائم
وقرأ سعيد بن جبير، وأبو الجوزاء، وعاصم الجحدري: " بل مكر " بفتح الكاف والراء " الليل والنهار " برفعهما . وقرأ " بل مكر " بإسكان الكاف ورفع الراء وتنوينها " الليل والنهار " بنصبهما . ابن يعمر:
قوله تعالى: إذ تأمروننا أن نكفر بالله وذلك أنهم كانوا يقولون لهم: إن ديننا حق ومحمد كذاب، وأسروا الندامة وقد سبق بيانه في (يونس: 54) .
قوله تعالى: وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا إذا دخلوا جهنم غلت أيديهم إلى أعناقهم، وقالت لهم خزنة جهنم: هل تجزون إلا ما كنتم تعملون في الدنيا . قال مجاز " هل " هاهنا مجاز الإيجاب، وليس باستفهام; والمعنى: ما تجزون إلا ما كنتم تعملون . أبو عبيدة: