قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد . قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب . قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب
قوله تعالى: قل إنما أعظكم أي: آمركم وأوصيكم بواحدة وفيها ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها " لا إله إلا الله " ، رواه عن ليث مجاهد .
[ ص: 465 ] والثاني: طاعة الله، رواه عن ابن أبي نجيح مجاهد .
والثالث : أنها قوله: أن تقوموا لله مثنى وفرادى ، قاله والمعنى: أن التي أعظكم بها، قيامكم وتشميركم لطلب الحق، وليس بالقيام على الأقدام . والمراد بقوله: قتادة . مثنى أي: يجتمع اثنان فيتناظران في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد بـ فرادى : أن يتفكر الرجل وحده، ومعنى الكلام: ليتفكر الإنسان منكم وحده، وليخل بغيره، وليناظر، وليستشر، فيستدل بالمصنوعات على صانعها، ويصدق الرسول على اتباعه، وليقل الرجل لصاحبه: هلم فلنتصادق هل رأينا بهذا الرجل جنة قط، أو جربنا عليه كذبا قط . وتم الكلام عند قوله: ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ، وفيه اختصار تقديره: ثم تتفكروا لتعلموا صحة ما أمرتكم به وأن الرسول ليس بمجنون، إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد في الآخرة .
قوله تعالى: قل ما سألتكم من أجر على تبليغ الرسالة فهو لكم [ ص: 466 ] والمعنى: ما أسألكم شيئا; ومثله قول القائل ما لي في هذا فقد وهبته لك، يريد: ليس لي فيه شيء .
قوله تعالى: قل إن ربي يقذف بالحق أي: يلقي الوحي إلى أنبيائه علام الغيوب وقرأ : " علام " بنصب الميم . أبو رجاء
قل جاء الحق وهو الإسلام والقرآن .
وفي المراد بالباطل ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه الشيطان، لا يخلق أحدا ولا يبعثه، قاله قتادة .
والثاني: أنه الأصنام، لا تبدئ خلقا ولا تحيي، قاله وقال الضحاك . لا يبتدئ الصنم من عنده كلاما فيجاب، ولا يرد ما جاء من الحق بحجة . أبو سليمان:
والثالث : أنه الباطل الذي يضاد الحق; فالمعنى: ذهب الباطل بمجيء الحق، فلم تبق منه بقية يقبل بها أو يدبر أو يبدئ أو يعيد، ذكره جماعة من المفسرين .
قوله تعالى: قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي أي: إثم ضلالتي [ ص: 467 ] على نفسي، وذلك أن كفار مكة زعموا أنه قد ضل حين ترك دين آبائه وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي من الحكمة والبيان .