قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم . وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون . واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون .
قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم في سبب نزولها أربعة أقوال .
[ ص: 190 ] أحدها: أن ناسا من المشركين كانوا قد قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت هذه الآية، رواه عن سعيد بن جبير ابن عباس .
والثاني: أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة والوليد ونفر من المسلمين كانوا قد أسلموا، ثم عذبوا فافتتنوا، فكان أصحاب رسول الله يقولون: لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا، قوم تركوا دينهم بعذاب عذبوه، فنزلت هذه الآية، فكتبها إلى عمر عياش والوليد وأولئك النفر، فأسلموا وهاجروا; وهذا قول ابن عمر .
والثالث: أنها نزلت في وحشي; وهذا القول ذكرناه مشروحا في آخر [الفرقان: 68] عن ابن عباس .
والرابع: أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان [ ص: 191 ] وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد فعلنا ذلك؟! فنزلت هذه الآية; وهذا مروي عن أيضا . ابن عباس
ومعنى "أسرفوا على أنفسهم" ارتكبوا الكبائر . والقنوط بمعنى اليأس . وأنيبوا بمعنى ارجعوا إلى الله من الشرك والذنوب، وأسلموا له أي: أخلصوا له التوحيد . و "تنصرون" بمعنى تمنعون .
واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم قد بيناه في قوله: يأخذوا بأحسنها [الأعراف: 145] .