وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع . يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
قوله تعالى: وأنذرهم يوم الآزفة فيه قولان .
أحدهما: أنه يوم القيامة، قاله الجمهور . قال : وسميت القيامة بذلك لقربها، يقال: أزف شخوص فلان، أي: قرب . ابن قتيبة
والثاني: أنه يوم حضور المنية، قاله قطرب .
[ ص: 213 ] قوله تعالى: إذ القلوب لدى الحناجر وذلك أنها ترتقي إلى الحناجر فلا تخرج ولا تعود، هذا على القول الأول . وعلى الثاني: القلوب هي النفوس تبلغ الحناجر عند حضور المنية; قال : و الزجاج كاظمين منصوب على الحال، والحال محمولة على المعنى; لأن القلوب لا يقال لها: كاظمين، وإنما الكاظمون أصحاب القلوب; فالمعنى: إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم . قال المفسرون: "كاظمين" أي: مغمومين ممتلئين خوفا وحزنا، والكاظم: الممسك للشيء على ما فيه; وقد أشرنا إلى هذا عند قوله: والكاظمين الغيظ [آل عمران: 134] .
ما للظالمين يعني الكافرين من حميم أي: قريب ينفعهم ولا شفيع يطاع فيهم فتقبل شفاعته .
يعلم خائنة الأعين قال : الخائنة والخيانة واحد . وللمفسرين فيها أربعة أقوال . ابن قتيبة
أحدها: أنه الرجل يكون في القوم فتمر به المرأة فيريهم أنه يغض بصره، فإذا رأى منهم غفلة لحظ إليها، فإن خاف أن يفطنوا له غض بصره، قاله ابن عباس .
والثاني: أنه نظر العين إلى ما نهي عنه، قاله مجاهد .
والثالث: الغمز بالعين، قاله الضحاك قال والسدي . هو الغمز بالعين فيما لا يحبه الله ولا يرضاه . قتادة:
والرابع: النظرة بعد النظرة، قاله ابن السائب .
قوله تعالى: وما تخفي الصدور فيه ثلاثة أقوال . أحدها: ما تضمره من الفعل أن لو قدرت على ما نظرت إليه، قاله والثاني: الوسوسة، [ ص: 214 ] قاله ابن عباس . والثالث: ما يسره القلب من أمانة أو خيانة، حكاه السدي . الماوردي .