إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير . إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز . لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
[ ص: 261 ] قوله تعالى: إن الذين يلحدون في آياتنا قال نزلت في مقاتل: أبي جهل . وقد شرحنا معنى الإلحاد في [النحل: 103]; وفي المراد به هاهنا خمسة أقوال .
أحدها: أنه وضع الكلام على غير موضعه، رواه عن العوفي ابن عباس .
والثاني: أنه المكاء والصفير عند تلاوة القرآن، قاله مجاهد .
والثالث: أنه التكذيب بالآيات، قاله . قتادة
والرابع: أنه المعاندة، قاله السدي .
والخامس: أنه الميل عن الإيمان بالآيات، قاله مقاتل .
قوله تعالى: لا يخفون علينا هذا وعيد بالجزاء أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة وهذا عام، غير أن المفسرين ذكروا فيمن أريد به سبعة أقوال .
أحدها: أنه أبو جهل رواه وأبو بكر الصديق، عن الضحاك والثاني: ابن عباس . أبو جهل قاله وعمار بن ياسر، والثالث: عكرمة . أبو جهل ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب، والرابع: ومقاتل . أبو جهل حكاه وعثمان بن عفان، والخامس: الثعلبي . أبو جهل حكاه وحمزة، والسادس: الواحدي . أبو جهل والسابع: الكافر والمؤمن، حكاهما وعمر بن الخطاب . الماوردي .
[ ص: 262 ] قوله تعالى: اعملوا ما شئتم قال : لفظه لفظ الأمر، ومعناه الوعيد والتهديد . الزجاج
قوله تعالى: إن الذين كفروا بالذكر يعني القرآن; ثم أخذ في وصف الذكر; وترك جواب "إن"، وفي جوابها هاهنا قولان .
[أحدهما]: أنه "أولئك ينادون من مكان بعيد"، ذكره الفراء .
والثاني: أنه متروك، وفي تقديره قولان . أحدهما: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم كفروا به . والثاني: إن الذين كفروا يجازون بكفرهم .
قوله تعالى: وإنه لكتاب عزيز فيه أربعة أقوال . أحدها: منيع من الشيطان لا يجد إليه سبيلا، قاله والثاني: كريم على الله، قاله السدي . والثالث: منيع من الباطل، قاله ابن السائب . والرابع: يمتنع على الناس أن يقولوا مثله، حكاه مقاتل . الماوردي .
قوله تعالى: لا يأتيه الباطل فيه ثلاثة أقوال . أحدها: التكذيب، قاله والثاني: الشيطان . والثالث: التبديل، رويا عن سعيد بن جبير . قال مجاهد . لا يستطيع إبليس أن ينقص منه حقا، ولا يزيد فيه باطلا . وقال قتادة: لا يدخل فيه ماليس منه . وفي قوله: مجاهد: من بين يديه ولا من خلفه ثلاثة أقوال . أحدها: بين يدي تنزيله، وبعد نزوله . والثاني: أنه ليس قبله كتاب يبطله، ولا يأتي بعده كتاب يبطله . والثالث: لا يأتيه الباطل في إخباره عما تقدم، ولا في إخباره عما تأخر .