[ ص: 336 ] سورة الدخان
وهي مكية كلها بإجماعهم
بسم الله الرحمن الرحيم
حم . والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم . أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين . رحمة من ربك إنه هو السميع العليم . رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين . لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين . بل هم في شك يلعبون .
قوله عز وجل: حم والكتاب المبين قد تقدم بيانه[المؤمن، والزخرف]، وجواب القسم إنا أنزلناه ، والهاء كناية عن الكتاب، وهو القرآن في ليلة مباركة وفيها قولان .
أحدهما: أنها ليلة القدر، وهو قول الأكثرين . وروى عن عكرمة قال: أنزل القرآن من عند الرحمن ليلة القدر جملة واحدة، [ ص: 337 ] فوضع في السماء الدنيا، ثم أنزل نجوما . وقال ابن عباس نزل القرآن كله في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا . مقاتل:
والثاني: أنها ليلة النصف من شعبان، قاله عكرمة .
قوله تعالى: إنا كنا منذرين أي: مخوفين عقابنا .
فيها أي: في تلك الليلة يفرق كل أي: يفصل . وقرأ أبو المتوكل، وأبو نهيك، ومعاذ القارئ: "يفرق" بفتح الياء وكسر الراء . [ ص: 338 ] "كل" بنصب اللام أمر حكيم أي: محكم . قال يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ماهو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال، حتى الحاج، وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، وعلى ما روي عن ابن عباس: أن ذلك في ليلة النصف من شعبان، والرواية عنه بذلك مضطربة قد خولف الراوي لها، فروي عن عكرمة أنه قال: في ليلة القدر، وعلى هذا المفسرون . عكرمة
قوله تعالى: أمرا من عندنا قال "أمرا" و "رحمة" منصوبان على الحال; المعنى; إنا أنزلناه آمرين أمرا وراحمين رحمة . قال الأخفش: : ويجوز أن يكون منصوبا بـ "يفرق" بمنزلة يفرق فرقا، لأن "أمرا" بمعنى "فرقا" . قال الزجاج ويجوز أن تنصب الرحمة بوقوع "مرسلين" عليها، فتكون الرحمة هي النبي صلى الله عليه وسلم . وقال الفراء: "مرسلين" بمعنى منزلين هذا القرآن، أنزلناه رحمة لمن آمن به . وقال غيره: مقاتل: "أمرا من عندنا" أي: إنا نأمر بنسخ ما ينسخ من اللوح إنا كنا مرسلين الأنبياء، رحمة منا بخلقنا رب السماوات قرأ ابن كثير، ونافع، ، وأبو عمرو "رب" بالرفع . وقرأ وابن عامر: حمزة، والكسائي، عن وأبو بكر "رب" بكسر الباء . وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: عاصم: بل هم يعني الكفار في شك مما جئناهم به يلعبون يهزؤون به .