إن شجرت الزقوم قد ذكرناها في [الصافات: 62] . و "الأثيم": الفاجر; وقال هو مقاتل: أبو جهل . وقد ذكرنا معنى "المهل" في [الكهف: 29] .
قوله تعالى: يغلي في البطون قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحفص عن "يغلي" بالياء; والباقون: بالتاء . فمن قرأ ["تغلي"] بالتاء، فلتأنيث الشجرة; ومن قرأ بالياء، حمله على الطعام قال عاصم: ولا يجوز أن يحمل الغلي على المهل . لأن المهل ذكر للتشبيه في الذوب، وإنما يغلي ما شبه به أبو علي الفارسي: كغلي الحميم وهو الماء الحار إذا اشتد غليانه .
[ ص: 350 ] قوله تعالى: خذوه أي: يقال للزبانية: خذوه فاعتلوه وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، ويعقوب: بضم التاء; وكسرها الباقون; قال : ومعناه: قودوه بالعنف، يقال: جيء بفلان يعتل إلى السلطان، و "سواء الجحيم": وسط النار . قال ابن قتيبة الآيات في مقاتل: أبي جهل يضربه الملك من خزان جهنم على رأسه بمقمعة من حديد فتنقب عن دماغه، فيجري دماغه على جسده، ثم يصب الملك في النقب ماء حميما قد انتهى حره، فيقع في بطنه، ثم يقول [له] الملك: ذق العذاب إنك أنت العزيز الكريم هذا توبيخ له بذلك; وكان أبو جهل يقول: أنا أعز قريش وأكرمها . وقرأ "ذق أنك" بفتح الهمزة; والباقون: بكسرها . قال الكسائي: أبو علي: من كسرها، فالمعنى: أنت العزيز في زعمك، ومن فتح، فالمعنى: بأنك .
فإن قيل: كيف سمي بالعزيز وليس به؟!
فالجواب من ثلاثة أوجه .
أحدها: أنه قيل ذلك استهزاء به، قاله سعيد بن جبير، ومقاتل .
والثاني: أنت العزيز [الكريم] عند نفسك، قاله . قتادة
والثالث: أنت العزيز في قومك، الكريم على أهلك، حكاه الماوردي .
ويقول الخزان لأهل النار: إن هذا ما كنتم به تمترون أي: تشكون في كونه .
ثم ذكر مستقر المتقين فقال: إن المتقين في مقام أمين قرأ نافع، "في مقام" بضم الميم; والباقون: بفتحها . قال وابن عامر: المقام، بفتح الميم: المكان، وبضمها: الإقامة . الفراء:
قوله تعالى: أمين أي: أمنوا فيه الغير والحوادث . وقد ذكرنا [ ص: 351 ] "الجنات" في [البقرة: 25] و[ذكرنا] معنى "العيون" ومعنى "متقابلين" في [الحجر: 45، 47] وذكرنا "السندس والإستبرق" في [الكهف: 31] .
قوله تعالى: كذلك أي: الأمر كما وصفنا وزوجناهم بحور عين قال المفسرون: المعنى: قرناهم بهن، وليس من عقد التزويج . قال المعنى: جعلنا ذكور أهل الجنة أزواجا أبو عبيدة: بحور عين من النساء، تقول للرجل: زوج هذه النعل الفرد بالنعل الفرد، أي: اجعلهما زوجا، والمعنى: جعلناهم اثنين اثنين . وقال يونس: العرب لا تقول: تزوج بها، إنما يقولون: تزوجها . ومعنى "وزوجناهم بحور عين": قرناهم . وقال : يقال: زوجته امرأة، وزوجته بامرأة . وقال ابن قتيبة والتنزيل على ما قال أبو علي الفارسي: يونس، وهو قوله تعالى: زوجناكها [الأحزاب: 37]، وما قال: زوجناك بها .
فأما الحور، فقال الحور: النساء النقيات البياض . وقال مجاهد: الحوراء: البيضاء من الإبل; قال: وفي "الحور العين" لغتان: حور عين، وحير عين، وأنشد: الفراء:
أزمان عيناء سرور المسير وحوراء عيناء من العين الحير
وقال الحوراء: الشديدة بياض بياض العين، الشديدة سواد سوادها . وقد بينا معنى "العين" في [الصافات: 48] . أبو عبيدة:
قوله تعالى: يدعون فيها بكل فاكهة آمنين فيه قولان . أحدهما: آمنين من انقطاعها في بعض الأزمنة . والثاني: آمنين من التخم والأسقام والآفات .
قوله تعالى: إلا الموتة الأولى فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها بمعنى "سوى"، فتقدير الكلام: لا يذوقون في الجنة الموت [ ص: 352 ] سوى الموتة التي ذاقوها في الدنيا; ومثله: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف [النساء: 22]، وقوله: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك [هود: 107] أي: سوى ما شاء لهم ربك من الزيادة على مقدار الدنيا، هذا قول الفراء، والزجاج .
والثاني: أن السعداء حين يموتون يصيرون إلى الروح والريحان وأسباب من الجنة يرون منازلهم منها، وإذا ماتوا في الدنيا، فكأنهم ماتوا في الجنة، لاتصالهم بأسبابها، ومشاهدتهم إياها، قاله . ابن قتيبة
والثالث: أن "إلا" بمعنى "بعد"، كما ذكرنا في أحد الوجوه في قوله: إلا ما قد سلف [النساء: 22]، وهذا قول ابن جرير .
قوله تعالى: فضلا من ربك أي: فعل الله ذلك بهم فضلا منه .
فإنما يسرناه أي: سهلناه، والكناية عن القرآن بلسانك أي: بلغة العرب لعلهم يتذكرون أي: لكي يتعظوا فيؤمنوا، فارتقب [ ص: 353 ] أي: انتظر بهم العذاب إنهم مرتقبون هلاكك; وهذه عند أكثر المفسرين منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح .