واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم .   قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين .   قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون .   فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم .   تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين    . 
قوله تعالى: واذكر أخا عاد  يعني هودا إذ أنذر قومه بالأحقاف  قال  الخليل:  الأحقاف: الرمال العظام . وقال  ابن قتيبة   : واحد الأحقاف: حقف، وهو من الرمل: ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى . وقال  ابن جرير:  هو ما استطال من الرمل ولم يبلغ أن يكون جبلا . 
واختلفوا في المكان الذي سمي بهذا الاسم على ثلاثة أقوال . 
أحدها: أنه جبل بالشام،  قاله  ابن عباس،   والضحاك   . 
 [ ص: 384 ] والثاني: أنه واد، ذكره عطية .  وقال  مجاهد:  هي أرض . وحكى  ابن جرير:  أنه واد بين عمان  ومهرة .  وقال  ابن إسحاق:  كانوا ينزلون ما بين عمان  وحضرموت،  واليمن  كله . 
والثالث: أن الأحقاف: رمال مشرفة على البحر بأرض يقال لها: الشحر،  قاله  قتادة   . 
قوله تعالى: وقد خلت النذر  أي: قد مضت الرسل من قبل هود ومن بعده بإنذار أممها ألا تعبدوا إلا الله   ; والمعنى: لم يبعث رسول قبل هود ولا بعده إلا بالأمر بعبادة الله وحده . وهذا كلام اعترض بين إنذار هود وكلامه لقومه . ثم عاد إلى كلام هود فقال: إني أخاف عليكم   . 
قوله تعالى: لتأفكنا  أي: لتصرفنا عن عبادة آلهتنا بالإفك . 
قوله تعالى: إنما العلم عند الله  أي: هو يعلم متى يأتيكم العذاب . 
فلما رأوه  يعني ما يوعدون في قوله: "بما تعدنا" عارضا  أي: سحاب يعرض من ناحية السماء . قال  ابن قتيبة   : العارض: السحاب . قال المفسرون: كان المطر قد حبس عن عاد، فساق الله إليهم سحابة سوداء، فلما رأوها فرحوا و قالوا هذا عارض ممطرنا  ، فقال لهم هود: بل هو ما استعجلتم به  ، ثم بين ما هو فقال: ريح فيها عذاب أليم  ، فنشأت الريح من تلك السحابة، تدمر كل شيء  أي: تهلك كل شيء مرت به من الناس والدواب والأموال . قال  عمرو بن ميمون:  لقد كانت الريح تحتمل الظعينة فترفعها حتى ترى كأنها جرادة، فأصبحوا  يعني عادا لا يرى إلا مساكنهم   [ ص: 385 ] قرأ  عاصم،   وحمزة:   "لا يرى" برفع الياء "إلا مساكنهم" برفع النون . وقرأ علي،   وأبو عبد الرحمن السلمي،   والحسن،   وقتادة،  والجحدري   : "لا ترى" بتاء مضمومة . وقرأ  أبو عمران،  وابن السميفع:   "لا ترى" بتاء مفتوحة . "إلا مسكنهم" على التوحيد . وهذا لأن السكان هلكوا، فقيل: أصبحوا وقد غطتهم الريح بالرمل فلا يرون . 
				
						
						
