فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام . فبأي آلاء ربكما تكذبان . هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون . يطوفون بينها وبين حميم آن . فبأي آلاء ربكما تكذبان
قوله تعالى: فإذا انشقت السماء أي: انفرجت من المجرة لنزول من فيها يوم القيامة "فكانت وردة" وفيها قولان .
أحدهما: كلون الفرس الوردة، قاله أبو صالح، وقال والضحاك . الفرس الوردة، تكون في الربيع وردة إلى الصفرة، فإذا اشتد الحر [ ص: 118 ] كانت وردة حمراء، فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة، فشبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل; وكذلك قال الفراء: "فكانت وردة" أي: كلون فرس وردة; والكميت: الورد يتلون، فيكون لونه في الشتاء خلاف لونه في الصيف، ولونه في الصيف خلاف لونه في الشتاء، فالسماء تتلون من الفزع الأكبر . وقال الزجاج: المعنى: فكانت حمراء في لون الفرس الورد . ابن قتيبة:
والثاني: أنها وردة النبات; وقد تختلف ألوانها، إلا أن الأغلب عليها الحمرة، ذكره الماوردي .
وفي الدهان قولان . أحدهما: أنه واحد، وهو الأديم الأحمر، قاله والثاني: أنه جمع دهن، والدهن تختلف ألوانه بخضرة وحمرة وصفرة، حكاه ابن عباس . وإلى نحوه ذهب اليزيدي، وقال مجاهد . شبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن . الفراء:
قوله تعالى: فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: لا يسألون ليعلم حالهم، لأن الله تعالى أعلم منهم بذلك .
والثاني: لا يسأل بعضهم بعضا عن حاله لاشتغال كل واحد منهم بنفسه، روي القولان عن ابن عباس .
والثالث: لا يسألون عن ذنوبهم لأنهم يعرفون بسيماهم، فالكافر أسود الوجه، والمؤمن أغر محجل من أثر وضوئه، قاله قال الفراء . لا يسأل أحد عن ذنبه ليستفهم، ولكنه يسأل سؤال توبيخ . الزجاج:
قوله تعالى: يعرف المجرمون بسيماهم قال بسواد الوجوه، وزرق الأعين الحسن: فيؤخذ بالنواصي والأقدام فيه قولان . أحدهما: أن خزنة جهنم تجمع بين نواصيهم إلى أقدامهم من وراء ظهورهم، ثم يدفعونهم على وجوههم [ ص: 119 ] في النار، قاله والثاني: يؤخذ بالنواصي والأقدام، فيسحبون إلى النار، ذكره مقاتل . وروى الثعلبي . مردويه الصائغ، قال: صلى بنا الإمام صلاة الصبح فقرأ سورة "الرحمن" ومعنا فلما قرأ علي بن الفضيل بن عياض، "يعرف المجرمون بسيماهم" خر علي مغشيا عليه حتى فرغنا من الصلاة، فلما كان بعد ذلك قلنا له: أما سمعت الإمام يقرأ "حور مقصورات في الخيام"؟ قال: شغلني عنها يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام قوله تعالى: هذه جهنم أي: يقال لهم . هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يعني المشركين يطوفون بينها وقرأ أبو العالية، يطوفون بياء مضمومة مع تشديد الواو; وقرأ وأبو عمران الجوني: مثله إلا أنه بالتاء . الأعمش
قوله تعالى: وبين حميم آن قال الحميم: الماء الحار، والآني: الذي قد انتهت شدة حره . قال المفسرون: المعنى أنهم يسعون بين عذاب الجحيم وبين الحميم، إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم الحميم الشديد الحرارة . ابن قتيبة: