لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة
قوله تعالى: لا تحرك به لسانك روى عن سعيد بن جبير قال: ابن عباس جبريل من قراءة الوحي، مخافة أن لا يحفظه، فأنزل الله تعالى هذه الآية . ومعناها: لا تحرك بالقرآن لسانك لتعجل بأخذه كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان يشتد عليه حفظه، وكان إذا نزل عليه الوحي يحرك لسانه وشفتيه قبل فراغ "إن علينا جمعه وقرآنه" قال أي: ضمه وجمعه في صدرك ابن قتيبة: "فإذا قرأناه" أي: جمعناه "فاتبع قرآنه" أي: جمعه . قال المفسرون: [ ص: 422 ] يعني: اقرأ إذا فرغ جبريل من قراءته . قال ابن عباس: فاتبع قرآنه، أي: اعمل به . وقال فاتبع حلاله وحرامه قتادة: "ثم إن علينا بيانه" فيه أربعة أقوال .
أحدها: نبينه بلسانك، فتقرؤه كما أقرأك جبريل . وكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب، قرأه كما وعده الله، قاله ابن عباس .
والثاني: إن علينا أن نجزي به يوم القيامة بما فيه من وعد ووعيد، قاله الحسن .
والثالث: إن علينا بيان ما فيه من الأحكام، والحلال، والحرام، قاله قتادة .
والرابع: علينا أن ننزله قرآنا عربيا، فيه بيان للناس، قاله الزجاج .
قوله تعالى: كلا قال أي: لا يؤمن عطاء: أبو جهل بالقرآن وبيانه، وقال المعنى: ليس الأمر كما تقولون من أنكم لا تبعثون، ولكن دعاكم إلى قيل ذلك محبتكم للعاجلة . ابن جرير:
قوله تعالى بل تحبون العاجلة قرأ ابن كثير، "بل يحبون العاجلة ويذرون" بالياء فيهما . وقرأ الباقون بالتاء فيهما . والمراد: كفار وأبو عمرو مكة، يحبونها ويعملون لها "ويذرون الآخرة" أي: يتركون العمل لها إيثارا للدنيا عليها .
قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة أي: مشرقة بالنعيم "إلى ربها ناظرة" روى عن عطاء قال: إلى الله ناظرة . قال ابن عباس حق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق، وهذا مذهب الحسن: ورؤية الله عز وجل [ ص: 423 ] حق لا شك فيها . والأحاديث فيها صحاح، قد ذكرت جملة منها في "المغني" و"الحدائق" . عكرمة .
قوله تعالى: ووجوه يومئذ باسرة قال أي: عابسة مقطبة . ابن قتيبة:
قوله تعالى: تظن قال أي: تعلم، و"الفاقرة" الداهية . قال الفراء: إنه من فقارة الظهر، كأنها تكسره، يقال: فقرت الرجل: إذا كسرت فقاره، كما يقال: رأسته: إذا ضربت رأسه، وبطنته: إذا ضربت بطنه . قال ابن زيد: والفاقرة: دخول النار . قال ابن قتيبة: هي أن تحجب عن ربها، فلا تنظر إليه . ابن السائب: