كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى
قوله تعالى: كلا قال "كلا" ردع وتنبيه . المعنى: ارتدعوا [ ص: 424 ] عما يؤدي إلى العذاب . وقال غيره: معنى الزجاج: "كلا": لا يؤمن الكافر بهذا .
قوله تعالى: إذا بلغت يعني: النفس . وهذه كناية عن غير مذكور .
و "التراقي" العظام المكتنفة لنقرة النحر عن يمين وشمال . وواحدة التراقي: ترقوة، ويكنى ببلوغ النفس التراقي عن الإشفاء على الموت، "وقيل من راق" فيه قولان .
أحدهما: أنه قول الملائكة بعضهم لبعض: من يرقى روحه، ملائكة الرحمة، أو ملائكة العذاب؟ رواه عن أبو الجوزاء وبه قال ابن عباس، أبو العالية ومقاتل .
والثاني: أنه قول أهله: هل من راق يرقيه بالرقى؟ وهو مروي عن أيضا، وبه قال ابن عباس عكرمة، والضحاك، وأبو قلابة، وقتادة، وابن زيد، وأبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاج .
قوله تعالى: وظن أي: أيقن الذي بلغت روحه التراقي "أنه الفراق" للدنيا "والتفت الساق بالساق" فيه خمسة أقوال .
أحدها: أمر الدنيا بأمر الآخرة، رواه عن الوالبي وبه قال ابن عباس: مقاتل .
والثاني: اجتمع فيه الحياة والموت، قاله وعن الحسن . كالقولين . مجاهد
والثالث: التفت ساقاه في الكفن، قاله سعيد بن المسيب .
والرابع: التفت ساقاه عند الموت، قاله [ ص: 425 ] والخامس: الشدة بالشدة، قاله الشعبي . قال قتادة . آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة . الزجاج:
قوله تعالى إلى ربك يومئذ المساق أي: إلى الله المنتهى "فلا صدق ولا صلى" قال "لا" ها هنا" في موضع "لم" . قال المفسرون: هو أبو عبيدة: أبو جهل "ولكن كذب وتولى" عن الإيمان "ثم ذهب إلى أهله يتمطى" أي: رجع إليهم يتبختر ويختال . قال "يتمطى" أي: يتبختر، لأن الظهر هو المطا، فيلوي ظهره متبخترا . وقال الفراء: أصله يتمطط، فقلبت الطاء فيه ياء، كما قيل: يتظنى، وأصله: يتظنن، ومنه المشية المطيطاء . وأصل الطاء في هذا كله دال . إنما هو مد يده في المشي إذا تبختر . يقال: مططت ومددت بمعنى . ابن قتيبة:
قوله تعالى: أولى لك فأولى قال هو تهديد ووعيد . وقال ابن قتيبة: الزجاج: العرب تقول: أولى لفلان: إذا دعت عليه بالمكروه، ومعناه: وليك المكروه يا أبا جهل .
قوله تعالى أيحسب الإنسان يعني: أبا جهل "أن يترك سدى" قال أي: يهمل فلا يؤمر ولا ينهى ولا يعاقب، يقال: أسديت الشيء، أي: أهملته . ثم دل على البعث بقوله تعالى: ابن قتيبة: ألم يك نطفة من مني يمنى قرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة، والكسائي، عن وأبو بكر "تمنى" بالتاء . وقرأ عاصم: ابن عامر، وحفص عن عاصم، ويعقوب "يمنى" بالياء . وعن [ ص: 426 ] أبى عمرو كالقراءتين . وقد شرحنا هذا في [النجم: 24] "ثم كان علقة" بعد النطفة "فخلق" فيه الروح، وسوى خلقه "فجعل منه" أي: خلق من مائه أولادا ذكورا وإناثا "أليس ذلك" الذي فعل هذا "بقادر؟" وقرأ أبو بكر الصديق، ، وأبو رجاء وعاصم الجحدري "يقدر" "على أن يحيي الموتى؟!" وهذا تقرير لهم، أي: إن من قدر على الابتداء قدر على الإعادة . قال إذا قرأ أحدكم هذه الآية، فليقل: اللهم بلى .
ابن عباس: