وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم [ ص: 293 ] قوله تعالى: وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ذكر أهل التفسير أن نبي بني إسرائيل سأل الله أن يبعث لهم ملكا ، فأتى بعصا وقرن فيه دهن ، وقيل له: إن صاحبكم الذي يكون ملكا يكون طوله طول هذه العصا ، ومتى دخل عليك رجل ، فنشق الدهن ، فهو الملك ، فادهن به رأسه ، وملكه على بني إسرائيل ، فقاس القوم أنفسهم بالعصا ، فلم يكونوا على مقدارها . قال عكرمة ، كان والسدي: طالوت سقاء يسقي على حمار له ، فضل حماره ، فخرج يطلبه . وقال بل كان دباغا يعمل الأدم ، فضلت حمر لأبيه ، فأرسل مع غلام له في طلبها ، فمرا ببيت وهب: شمويل النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخلا ليسألاه عن ضالتهما ، فنشق الدهن ، فقام شمويل ، فقاس طالوت بالعصا ، وكان على مقدارها ، فدهنه ، ثم قال له: أنت ملك بني إسرائيل ، فقال طالوت: أما علمت أن وسطي أدنى أسباط بني إسرائيل ، وبيتي أدنى بيوتهم؟ قال: بلى . قال: فبأية آية؟ قال: بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره ، فكان كما قال .
قال الزجاج: طالوت ، وجالوت ، وداود ، لا تصرف ، لأنها أسماء أعجمية ، وهي معارف ، فاجتمع فيها التعريف والعجمة .
ومعنى قوله تعالى: (أنى له الملك) من أي جهة يكون له الملك علينا . قال إنما قالوا ذلك ، لأنه كان في بني إسرائيل سبطان ، في أحدهما النبوة ، وفي الآخر الملك ، فلم يكن هو من أحد السبطين . قال ابن عباس: كانت النبوة في سبط قتادة . لاوي ، والملك في سبط يهوذا .
قوله تعالى: ولم يؤت سعة من المال أي: لم يؤت ما يتملك به الملك . قال إن الله اصطفاه عليكم أي: اختاره ، وهو "افتعل" من الصفوة . والبسطة: السعة ، قاله هو من قولك: بسطت الشيء: إذا كان مجموعا ، ففتحته ، ووسعته . قال ابن قتيبة: كان [ ص: 294 ] ابن عباس: طالوت أعلم بني إسرائيل بالحرب ، وكان يفوق الناس بمنكبيه وعنقه ورأسه . وهل كانت هذه الزيادة قبل الملك ، أم أحدثت له بعد الملك؟ فيه قولان . أحدهما: قبل الملك ، قاله وهب ، والثاني: بعد الملك ، قاله والسدي . ابن زيد . والمراد بتعظيم الجسم ، فضل القوة ، إذ العادة أن من كان أعظم جسما ، كان أكثر قوة والواسع: الغني .