قوله تعالى: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله قال ابن السائب نزلت في ومقاتل: في نفقته في غزوة عثمان بن عفان تبوك ، وشرائه بئر رومة ، ركية بالمدينة ، تصدق بها على المسلمين . وفي حين تصدق بأربعة آلاف درهم ، وكانت [ ص: 317 ] نصف ماله . وأما المن ففيه قولان . أحدها: أنه المن على الفقير ، ومثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك ، وهو قول الجمهور . والثاني: أنه المن على الله بالصدقة ، روي عن عبد الرحمن بن عوف فإن قيل: كيف مدحهم بترك المن ، ووصف نفسه بالمنان؟ فالجواب: أنه يقال: من فلان على فلان: إذا أنعم عليه ، فهذا الممدوح ، قال الشاعر: ابن عباس .
فمني علينا بالسلام فإن ما كلامك ياقوت ودر منظم
أراد بالمن الإنعام . وأما الوجه المذموم ، فهو أن يقال: من فلان على فلان: إذا استعظم ما أعطاه ، وافتخر بذلك ، قال الشاعر في ذلك:
أنلت قليلا ثم أسرعت منة فنيلك ممنون كذاك قليل
ذكر ذلك وفي الأذى قولان . أحدهما: أنه مواجهة الفقير بما يؤذيه ، مثل أن يقول له: أنت أبدا فقير ، وقد بليت بك ، وأراحني الله منك ، والثاني: [ ص: 318 ] أن يخبر بإحسانه إلى الفقير ، من يكره الفقير اطلاعه على ذلك ، وكلا القولين يؤذي الفقير وليس من أبو بكر الأنباري . . ولقد حدثنا عن صفة المخلصين في الصدقة حسان بن أبي سنان أنه كان يشتري أهل بيت الرجل وعياله ، ثم يعتقهم جميعا ، ولا يتعرف إليهم ، ولا يخبرهم من هو .