قوله تعالى: (أيود أحدكم) هذه الآية متصلة بقوله تعالى: لا تبطلوا صدقاتكم ومعنى: "أيود" أيحب ، وإنما ذكر النخيل والأعناب ، لأنهما من أنفس ما يكون في البساتين ، وخص ذلك بالكبير ، لأنه قد يئس من سعي الشباب في أكسابهم .
قوله تعالى: (وله ذرية ضعفاء) أي: ضعاف ، وإذا ضعفت الذرية كان أحنى عليهم ، وأكثر إشفاقا (فأصابها) يعني: الجنة (إعصار) وهي ريح شديدة ، تهب بشدة ، فترفع إلى السماء ترابا ، كأنه عمود .
قال الشاعر:
إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا
أي: لاقيت أشد منك . فإن قيل: كيف جاز في الكلام أن يكون له جنة فأصابها ، ولم يقل: فيصيبها؟ أفيجوز أن يقال: أتود أن يصيب مالا ، فضاع ، والمراد: فيضيع؟ فالجواب: أن ذلك جائز في "وددت" لأن العرب تلقاها مرة "أن" ومرة "لو" ، [ ص: 321 ] فيقولون: وددت لو ذهبت عنا ، وددت أن تذهب عنا ، قاله الفراء ، وثعلب .
فصل
وهذه الآية مثل ضربه الله تعالى في الحسرة بسلب النعمة عند شدة الحاجة . وفيمن قصد به ثلاثة أقوال . أحدها: أنه مثل الذي يختم له بالفساد في آخر عمره ، قاله والثاني: أنه مثل للمفرط في طاعة الله تعالى حتى يموت ، قاله ابن عباس . والثالث: أنه مثل للمرائي في النفقة ، ينقطع عنه نفعها أحوج ما يكون إليه ، قاله مجاهد . السدي .