ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون .
قوله تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت المدراس على جماعة من اليهود ، فدعاهم إلى الله فقال رجلان منهم: على أي دين أنت؟ فقال: على ملة إبراهيم . قالا: فإنه كان يهوديا . قال: فهلموا إلى التوراة ، فأبيا عليه ، فنزلت هذه الآية . رواه ، عن سعيد بن جبير والثاني: ابن عباس . أن رجلا من اليهود ، وامرأة زنيا ، فكرهوا رجمهما لشرفهما ، فرفعوا أمرهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يكون عنده رخصة ، فحكم عليها بالرجم ، فقالوا: جرت علينا يا محمد ، ليس علينا الرجم . فقال: بيني وبينكم التوراة ، فجاء ابن صوريا ، فقرأ من التوراة ، فلما أتى على آية الرجم ، وضع كفه عليها ، وقرأ ما بعدها ، فقال قد جاوزها ، ثم قام ، فقرأها ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهوديين ، فرجما ، فغضب اليهود . فنزلت هذه الآية . ابن سلام: رواه عن أبو صالح والثالث: ابن عباس . أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود إلى الإسلام ، فقال نعمان بن أبي [ ص: 367 ] أوفى: هلم نحاكمك إلى الأحبار . فقال: بل إلى كتاب الله ، فقال: بل إلى الأحبار ، فنزلت هذه الآية ، قاله والرابع: السدي . أنها نزلت في جماعة من اليهود ، دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، فقالوا: نحن أحق بالهدى منك ، وما أرسل الله نبيا إلا من بني إسرائيل . قال: فأخرجوا التوراة ، فإني مكتوب فيها أني نبي ، فأبوا ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل بن سليمان .
فأما التفسير ، فالنصيب الذي أوتوه: العلم الذي علموه من التوراة . وفي الكتاب الذي دعوا إليه قولان . أحدهما: أنه التوراة ، رواه عن عكرمة ، وهو قول الأكثرين . والثاني: أنه القرآن ، رواه ابن عباس ، عن أبو صالح ، وهو قول ابن عباس ، الحسن ، وفي الذي أريد أن يحكم الكتاب بينهم فيه أربعة أقوال . أحدها: ملة وقتادة . إبراهيم . والثاني: حد الزنا . رويا عن والثالث: صحة دين الإسلام ، قاله ابن عباس . والرابع: صحة نبوة السدي . محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله فإن قيل: التولي هو الإعراض ، فما فائدة تكريره؟ فالجواب من أربعة أوجه . أحدها: التأكيد . والثاني: أن يكون المعنى: يتولون عن الداعي ، ويعرضون عما دعا إليه . والثالث: يتولون بأبدانهم ، ويعرضون عن الحق بقلوبهم . والرابع: أن يكون الذين تولوا علماءهم ، والذين أعرضوا أتباعهم ، قاله مقاتل . ابن الأنباري .