إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين .
قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم قال قالت اليهود: نحن أبناء ابن عباس: إبراهيم وإسحاق ، ويعقوب ، ونحن على دينهم ، فنزلت هذه الآية . قال ومعنى اصطفاهم في اللغة: اختارهم ، فجعلهم صفوة خلقه ، وهذا تمثيل بما يرى ، لأن الزجاج: العرب تمثل المعلوم بالشيء المرئي ، فإذا سمع السامع ذلك المعلوم كان عنده بمنزلة ما يشاهد عيانا ، فنحن نعاين الشيء الصافي أنه النقي من الكدر ، فكذلك صفوة الله من خلقه . وفيه ثلاث لغات: صفوة ، وصفوة ، وصفوة . وأما آدم فعربي ، وقد ذكرنا اشتقاقه في "البقرة" وأما نوح ، فأعجمي معرب ، قال اسم أبو سليمان الدمشقي: نوح: السكن ، وإنما سمي نوحا ، لكثرة نوحه . وفي سبب نوحه خمسة أقوال . أحدها: أنه كان ينوح على نفسه ، قاله يزيد الرقاشي ، والثاني: أنه كان ينوح لمعاصي أهله ، وقومه . والثالث: لمراجعته ربه في ولده . والرابع: لدعائه على قومه بالهلاك . والخامس: أنه مر بكلب مجذوم ، فقال: اخسأ يا قبيح ، فأوحى الله إليه: أعبتني يا نوح ، أم عبت الكلب؟ وفي آل إبراهيم ثلاثة أقوال . أحدها: أنه من كان على دينه ، قاله ابن عباس ، والثاني: أنهم والحسن . إسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، والأسباط ، قاله والثالث: أن المراد بـ"آل مقاتل . إبراهيم" هو نفسه ، كقوله: وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون [ البقرة: 248 ] ، ذكره بعض أهل التفسير . وفي "عمران" [ ص: 375 ] قولان . أحدهما: أنه والد مريم ، قاله الحسن ، والثاني: أنه والد ووهب . موسى ، وهارون ، قاله وفي "آله" ثلاثة أقوال . أحدها: أنه مقاتل . عيسى عليه السلام ، قاله والثاني: أن آله الحسن . موسى وهارون ، قاله والثالث: أنه المراد بـ"آله" نفسه ، ذكره بعض المفسرين ، وإنما خص هؤلاء بالذكر ، لأن الأنبياء كلهم من نسلهم . وفي معنى اصطفاء هؤلاء المذكورين ثلاثة أقوال . أحدها: أن المراد اصطفى دينهم على سائر الأديان ، قاله مقاتل . واختاره ابن عباس ، الفراء ، والدمشقي . والثاني: اصطفاهم بالنبوة ، قاله الحسن ، ومجاهد ، والثالث: اصطفاهم بتفضيلهم في الأمور التي ميزهم بها على أهل زمانهم . والمراد بـ"العالمين" عالمو زمانهم ، كما ذكرنا في "البقرة" . ومقاتل .