فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين [ ص: 399 ] قوله تعالى: (فمن حاجك فيه) في "هاء" فيه قولان . أحدهما: أنها ترجع إلى عيسى . والثاني: إلى الحق . والعلم: البيان والإيضاح .
قوله تعالى: (فقل تعالوا) قال تعالى: تفاعل ، من علوت ، ويقال للاثنين من الرجال والنساء: تعاليا ، وللنساء: تعالين ، قال ابن قتيبة: أصلها من العلو ، ثم إن الفراء: العرب لكثرة استعمالهم إياها ، صارت عندهم بمنزلة "هلم" حتى استجازوا أن يقولوا للرجل ، وهو فوق شرف: تعالى ، أي: اهبط . وإنما أصلها: الصعود . قال المفسرون: أراد بأبنائنا: فاطمة والحسن ، والحسين . وروى في "صحيحه" من حديث مسلم قال: سعد بن أبي وقاص (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: "اللهم هؤلاء أهلي" . لما نزلت هذه الآية
قوله تعالى: (وأنفسنا) فيه خمسة أقوال . أحدها: أراد قاله علي بن أبي طالب ، الشعبي . والعرب تخبر عن ابن العم بأنه نفس ابن عمه . والثاني: أراد الأخوان ، قاله والثالث: أراد أهل دينه ، قاله ابن قتيبة . والرابع: أراد الأزواج . والخامس: أراد القرابة القريبة ، ذكرهما أبو سليمان الدمشقي . فأما الابتهال ، فقال علي بن أحمد النيسابوري . هو التداعي باللعن ، يقال: عليه بهله الله . وبهلته أي: لعنته . وقال ابن قتيبة: معنى الابتهال في اللغة: المبالغة في الدعاء ، وأصله: الالتعان ، يقال: بهله الله ، أي: لعنه . وأمر بالمباهلة بعد إقامة الحجة . قال الزجاج: جابر بن عبد الله: قدم وفد نجران فيهم السيد والعاقب ، فذكر الحديث . إلى أن قال: فدعاهما إلى الملاعنة ، فواعداه أن يفادياه ، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين . ثم أرسل إليهما ، فأبيا أن يجيباه ، فأقرا له بالخراج ، فقال: [ ص: 400 ] والذي يعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهم نارا .