قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب) فيه ثلاثة أقوال . أحدها: أنهم اليهود ، قاله قتادة ، وابن جريج ، والثاني: وفد والربيع بن أنس . نجران الذين حاجوا في عيسى ، قاله السدي والثالث: أهل الكتابين جميعا ، قاله ومقاتل . وقال الحسن . نزلت في القسيسين والرهبان ، فبعث بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن عباس: جعفر وأصحابه بالحبشة ، فقرأها جعفر ، والنجاشي جالس ، وأشراف الحبشة . فأما "الكلمة" فقال المفسرون هي: لا إله إلا الله . فإن قيل: [ ص: 401 ] فهذه كلمات ، فلم قال كلمة؟ فعنه جوابان . أحدهما: أن الكلمة تعبر عن ألفاظ وكلمات . قال اللغويون: ومعنى كلمة: كلام فيه شرح قصة وإن طال ، تقول العرب: قال زهير في كلمته يراد في قصيدته .
قالت الخنساء:
وقافية مثل حد السنا ن تبقى ويذهب من قالها
تقد الذؤابة من يذبل
أبت أن تزايل أوعالها
نطقت ابن عمرو فسهلتها
ولم ينطق الناس أمثالها
فأوقعت القافية على القصيدة كلها ، والغالب على القافية أن تكون في آخر كلمة من البيت ، وإنما سميت قافية ، لإن الكلمة تتبع البيت ، وتقع آخره ، فسميت قافية من قول العرب: قفوت فلانا: إذا اتبعته ، وإلى هذا الجواب يذهب وغيره . والثاني: أن المراد بالكلمة: كلمات ، فاكتفى بالكلمة من كلمات ، كما قال الزجاج علقمة بن عبدة:
بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب
أراد: وأما جلودها ، فاكتفى بالواحد من الجمع ، ذكره والذي قبله ابن الأنباري .
قوله تعالى: (سواء بيننا وبينكم) قال يعني بالسواء العدل ، وهو من استواء الشيء ، ويقال: للعدل سواء وسواء وسواء [ ص: 402 ] قال الزجاج: زهير بن أبي سلمى:
أروني خطة ضيم فيها يسوي بيننا فيها السواء
فإن تدعوا السواء فليس بيني وبينكم بني حصن بقاء
قال: وموضع "أن" في قوله تعالى: (ألا تعبدوا إلا الله) خفض على البدل من "كلمة" المعنى: تعالوا إلى أن لا نعبد إلا الله . وجائز أن يكون "أن" في موضع رفع ، كأن قائلا قال: ما الكلمة؟ فأجيب ، فقيل: هي ألا نعبد إلا الله .
قوله تعالى: (ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) فيه ثلاثة أقوال . أحدها: أنه سجود بعضهم لبعض ، قاله والثاني: لا يطيع بعضنا بعضا في معصية الله ، قاله عكرمة . والثالث: أن نجعل غير الله ربا ، كما قالت النصارى في ابن جريج . المسيح ، قاله مقاتل والزجاج .