قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) قرأ أبو رزين العقيلي ، وأبو عمران الجوني ، وأبو نهيك: تبيض وتسود ، بكسر التاء فيهما . وقرأ الحسن ، والزهري ، وابن محيصن ، تبياض وتسواد بألف ، ومدة فيهما . وقرأ وأبو الجوزاء: [ ص: 436 ] أبو الجوزاء ، فأما الذين اسوادت وابياضت ، بألف ومدة . قال وابن يعمر: أخبر الله بوقت ذلك العذاب ، فقال: يوم تبيض وجوه . قال الزجاج: تبيض وجوه أهل السنة ، وتسود وجوه ابن عباس: . وفي الذين اسودت وجوههم ، خمسة أقوال . أهل البدعة
أحدها: أنهم كل من كفر بالله بعد إيمانه يوم الميثاق ، قاله . أبي بن كعب
والثاني: أنهم الحرورية ، قاله أبو أمامة ، وإسحاق الهمذاني .
والثالث: اليهود قاله ابن عباس .
والرابع: أنهم المنافقون ، قاله والخامس: أنهم أهل البدع ، قاله الحسن . قتادة .
قوله تعالى: (أكفرتم) قال معناه: فيقال لهم: أكفرتم ، فحذف القول لأن في الكلام دليلا عليه ، كقوله تعالى: الزجاج: وإسماعيل ربنا تقبل منا [ البقرة: 127 ] ، أي: ويقولان: ربنا تقبل منا . ومثله: من كل باب سلام عليكم [ الرعد: 25 ، 26 ] والمعنى: يقولون سلام عليكم . والألف لفظها لفظ الاستفهام ، ومعناها التقرير والتوبيخ . فإن قلنا: إنهم جميع الكفار ، فإنهم آمنوا يوم الميثاق ، ثم كفروا ، وإن قلنا: إنهم الحرورية ، وأهل البدع ، فكفرهم بعد إيمانهم: مفارقة الجماعة في الاعتقاد ، وإن قلنا: اليهود ، فإنهم آمنوا بالنبي قبل مبعثه ، ثم كفروا بعد ظهوره ، وإن قلنا: المنافقون ، فإنهم قالوا بألسنتهم ، وأنكروا بقلوبهم .
قوله تعالى: (فذوقوا العذاب) أصل الذوق إنما يكون بالفم ، وهذا استعارة منه ، فكأنهم جعلوا ما يتعرف ويعرف مذوقا على وجه التشبيه بالذي يعرف عند التطعم ، تقول العرب: قد ذقت من إكرام فلان ما يرغبني في قصده ، يعنون: عرفت ، ويقولون ذق الفرس ، فاعرف ما عنده .
[ ص: 437 ] قال تميم بن مقبل:
أو كاهتزاز رديني تذاوقه أيدي التجار فزادوا متنه لينا
وقال الآخر:
وإن الله ذاق حلوم قيس فلما راء خفتها قلاها
يعنون بالذوق: العلم . وفي كتاب كل ما نزل بإنسان من مكروه فقد ذاقه . الخليل: