ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون .
قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) سبب نزولها أن مالك بن الضيف ووهب بن يهوذا اليهوديين ، قالا لابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة [وأبي بن كعب ، ]: ديننا خير مما تدعونا إليه ، ونحن أفضل منكم ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ومعاذ بن جبل عكرمة وفيمن أريد بهذه الآية ، أربعة أقوال . ومقاتل .
أحدها: أنهم أهل بدر . والثاني: أنهم المهاجرون . والثالث: جميع الصحابة .
والرابع: جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، نقلت هذه الأقوال كلها عن وقد روى ابن عباس . عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: بهز بن حكيم قال "إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها ، وأكرمها على الله تعالى" وأصل الخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 439 ] وهو يعم سائر أمته . الزجاج:
وفي قوله تعالى: (كنتم) ، قولان .
أحدهما: أنها على أصلها ، والمراد بها الماضي ، ثم فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: أن معناه: كنتم في اللوح المحفوظ .
والثاني: أن معناه: خلقتم ووجدتم . ذكرهما المفسرون .
والثالث: أن المعنى: كنتم مذ كنتم ، ذكره والثاني: أن معنى كنتم: أنتم ، كقوله تعالى: ابن الأنباري . وكان الله غفورا رحيما [ النساء: 96 ] .
ذكره الفراء ، قال والزجاج . وقد يأتي الفعل على بنية الماضي ، وهو راهن ، أو مستقبل ، كقوله تعالى: (كنتم) ومعناه: أنتم ، ومثله: ابن قتيبة: (وإذ قال الله يا عيسى) [ المائدة: 116 ] ، أي: وإذ يقول . ومثله: (أتى أمر الله) [ النحل: 1 ] ، أي: سيأتي ، ومثله: (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) [ مريم: 29 ] ، أي: من هو في المهد ، ومثله: وكان [ ص: 440 ] الله سميعا بصيرا [ النساء: 134 ] . أي: والله سميع بصير ، ومثله: فتثير سحابا فسقناه [ فاطر: 9 ] ، أي: فنسوقه .
وفي قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) قولان .
أحدهما: أن معناه: كنتم خير الناس للناس . قال يأتون بهم في السلاسل حتى يدخلوهم في الإسلام . أبو هريرة:
والثاني: أن معناه: كنتم خير الأمم التي أخرجت .
وفي قوله تعالى: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) قولان .
أحدهما: أنه شرط في الخيرية ، وهذا المعنى مروي عن عمر بن الخطاب ، ومجاهد ، والزجاج .
والثاني: أنه ثناء من الله عليهم ، قاله قال الربيع بن أنس . والمعروف: التوحيد . والمنكر: الشرك . قال أبو العالية: وأهل الكتاب: اليهود والنصارى . ابن عباس:
قوله تعالى: (منهم المؤمنون): من أسلم ، وأصحابه . كعبد الله بن سلام (وأكثرهم الفاسقون) ، يعني: الكافرين ، وهم الذين لم يسلموا .