ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور .
قوله تعالى: (ها أنتم أولاء تحبونهم) قال كان عامة ابن عباس: الأنصار يواصلون اليهود ويواصلونهم: فلما أسلم الأنصار بغضهم اليهود ، فنزلت هذه الآية . والخطاب بهذه الآية للمؤمنين . قال ومعنى الكلام: ها أنتم يا هؤلاء . فأما "تحبونهم" فالهاء والميم عائدة إلى الذين نهوا عن مصافاتهم . وفي معنى محبة المؤمنين لهم أربعة أقوال . ابن قتيبة:
أحدها: أنها الميل إليهم بالطباع ، لموضع القرابة ، والرضاع ، والحلف ، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس .
والثاني: أنها بمعنى الرحمة لهم ، لما يفعلون من المعاصي التي يقابلها العذاب الشديد ، وهذا المعنى منقول عن قتادة .
والثالث: أنها لموضع إظهار المنافقين الإيمان ، روي عن أبي العالية .
والرابع: أنها بمعنى إرادة الإسلام لهم ، وهم يريدون المسلمين على الكفر ، وهذا قول المفضل ، والكتاب: بمعنى الكتب ، قاله والزجاج . الزجاج .
[ ص: 448 ] قوله تعالى: (وإذا لقوكم قالوا آمنا) هذه حالة المنافقين ، وقال هم اليهود . والأنامل: أطراف الأصابع . قال مقاتل: والغيظ: الحنق عليكم ، وقيل: هذا من مجاز الكلام ، ضرب مثلا لما حل بهم ، وإن لم يكن هناك عض على أنملة ، ومعنى ابن عباس: "موتوا بغيظكم": ابقوا به حتى تموتوا ، وإنما كان غيظهم من رؤية شمل المسلمين ملتئما . قال هذا أمر من الله تعالى لنبيه أن يدعو عليهم بأن يهلكهم الله كمدا من الغيظ . ابن جرير: