يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا
قوله تعالى: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا سبب نزولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا قوما من أحبار اليهود ، منهم عبد الله بن صوريا ، وكعب [ابن أسد] إلى الإسلام ، وقال لهم: إنكم لتعلمون أن الذي جئت به حق ، فقالوا: ما نعرف ذلك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس .
وفي الذين أوتوا الكتاب قولان .
أحدهما: أنهم اليهود ، قاله الجمهور . والثاني: اليهود والنصارى ، ذكره . وعلى الأول يكون الكتاب: التوراة ، وعلى الثاني: التوراة والإنجيل . والمراد بما نزلنا: القرآن ، وقد سبق في (البقرة) بيان تصديقه لما معهم . الماوردي
قوله تعالى: من قبل أن نطمس وجوها في طمس الوجوه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه إعماء العيون ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك .
والثاني: أنه طمس ما فيها من عين ، وأنف ، وحاجب ، وهذا المعنى مروي عن واختيار ابن عباس ، [ ص: 102 ] والثالث: أنه ردها عن طريق الهدى ، وإلى هذا المعنى ذهب ابن قتيبة . الحسن ، ومجاهد ، والضحاك ، وقال والسدي . من قبل أن نطمس وجوها ، أي: نحول الملة عن الهدى والبصيرة . فعلى هذا القول يكون ذكر الوجه مجازا . والمراد: البصيرة والقلوب . وعلى القولين قبله يكون المراد بالوجه: العضو المعروف . مقاتل:
قوله تعالى: فنردها على أدبارها خمسة أقوال .
أحدها: نصيرها في الأقفاء ، ونجعل عيونها في الأقفاء ، هذا قول ابن عباس ، وعطية .
والثاني: نصيرها كالأقفاء ، ليس فيها فم ، ولا حاجب ، ولا عين ، وهذا قول قوم ، منهم ابن قتيبة .
والثالث: نجعل الوجه منبتا للشعر ، كالقرود ، هذا قول الفراء .
والرابع: ننفيها مدبرة عن ديارها ومواضعها . وإلى نحوه ذهب ابن زيد . قال فيكون المعنى: من قبل أن نطمس وجوههم التي هم فيها . وناحيتهم التي هم بها نزول ، فنردها على أدبارها من حيث جاؤوا بديا من ابن جرير: الشام .
والخامس: نردها في الضلالة ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد ، والضحاك ، والسدي ، ومقاتل .
قوله تعالى: أو نلعنهم يعود إلى أصحاب الوجوه . وفي قولان . معنى لعن أصحاب السبت
[ ص: 103 ] أحدهما: مسخهم قردة ، قاله الحسن ، وقتادة ، والثاني: طردهم في التيه ، حتى هلك فيه أكثرهم ذكره ومقاتل . . الماوردي
قوله تعالى: وكان أمر الله مفعولا قال الأمر هاهنا: بمعنى: المأمور ، سمي باسم الأمر لحدوثه عنه . ابن جرير: