[ ص: 157 ] قوله تعالى: إلا الذين يصلون هذا الاستثناء راجع إلى القتل ، لا إلى الموالاة .
وفي (يصلون) قولان .
أحدهما: أنه بمعنى: يتصلون ويلجؤون ، قال ابن عباس : كان هلال بن عويمر الأسلمي وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يعينه ولا يعين عليه ، فكان من وصل إلى هلال من قومه وغيرهم ، فلهم من الجوار مثل ما لهلال .
والثاني: أنه بمعنى: ينتسبون ، قاله ابن قتيبة ، وأنشد:
إذا اتصلت قالت أبكر بن وائل وبكر سبتها والأنوف رواغم
يريد: إذا انتسبت ، قالت: أبكرا ، أي: يا آل بكر .
[ ص: 158 ] وفي القوم المذكورين أربعة أقوال .
أحدها: أنهم بنو بكر بن زيد مناة ، قاله ابن عباس . والثاني: أنهم هلال بن عويمر الأسلمي ، وسراقة بن مالك ، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف ، قاله عكرمة . والثالث: أنهم بنو مدلج ، قاله الحسن . والرابع: خزاعة ، وبنو مدلج ، قاله مقاتل . قال ابن عباس : "والميثاق": العهد .
[ ص: 159 ] قوله تعالى: أو جاءوكم فيه قولان .
أحدهما: أن معناه: أو يصلون إلى قوم جاؤوكم ، قاله الزجاج في جماعة .
والثاني: أنه يعود إلى المطلوبين للقتل ، فتقديره: أو رجعوا فدخلوا فيكم ، وهو بمعنى: قول السدي .
قوله تعالى: حصرت صدورهم فيه قولان . أحدهما: أن فيه إضمار "قد" .
والثاني: أنه خبر بعد خبر ، فقوله (جاءوكم): خبر قد تم ، وحصرت: خبر مستأنف ، حكاهما الزجاج . وقرأ الحسن ، ويعقوب ، والمفضل ، عن عاصم: (حصرت صدورهم) على الحال . و "حصرت" ضاقت ، ومعنى الكلام: ضاقت صدورهم عن قتالكم للعهد الذي بينكم وبينهم ، أو يقاتلوا قومهم ، يعني: قريشا
قال مجاهد: هلال بن عويمر هو الذي حصر صدره أن يقاتلكم ، أو يقاتل قومه .
قوله تعالى: ولو شاء الله لسلطهم عليكم قال الزجاج : أخبر أنه إنما كفهم بالرعب الذي قذف في قلوبهم . وفي "السلم" قولان . أحدهما: أنه الإسلام ، قاله الحسن . والثاني: الصلح ، قاله الربيع ، ومقاتل .
فصل
قال جماعة من المفسرين: معاهدة المشركين وموادعتهم المذكورة في هذه الآية منسوخة بآية السيف . قال القاضي أبو يعلى: لما أعز الله الإسلام أمروا أن لا يقبلوا من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف .


