ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما
قوله تعالى: يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة قال سعيد بن جبير ، متزحزحا عما يكره . وقال ومجاهد: المراغم والمهاجر: واحد ، يقال: راغمت وهاجرت ، وأصله: أن الرجل كان إذا أسلم ، خرج عن قومه مراغما ، أي: مغاضبا لهم ، ومهاجرا ، أي: مقاطعا من الهجران ، فقيل للمذهب: مراغم ، وللمصير إلى النبي عليه السلام هجرة ، لأنها كانت بهجرة الرجل قومه . [قال ابن قتيبة: الجعدي: عزيز المراغم والمذهب] .
وفي السعة قولان . أحدهما: أنها السعة في الزرق ، قاله والجمهور . ابن عباس ،
والثاني: التمكن من إظهار الدين ، قاله قتادة .
قوله تعالى: ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله اتفقوا على أنه [ ص: 180 ] نزل في رجل خرج مهاجرا ، فمات في الطريق ، واختلفوا فيه على ستة أقوال .
أحدها: أنه ضمرة بن العيص ، وكان ضريرا موسرا ، فقال: احملوني فحمل وهو مريض ، فمات عند التنعيم ، فنزل فيه هذا الكلام ، رواه سعيد بن جبير .
والثاني: أنه العيص بن ضمرة بن زنباع الخزاعي أمر أهله أن يحملوه على سريره ، فلما بلغ التنعيم ، مات ، فنزلت فيه هذه الآية ، رواه أبو بشر عن سعيد ابن جبير .
والثالث: أنه ابن ضمرة الجندعي مرض ، فقال لبنيه: أخرجوني من مكة ، فقد قتلني غمها ، فقالوا: أين؟ فأومأ بيده نحو المدينة ، يريد الهجرة ، فخرجوا به ، فمات في الطريق ، فنزل فيه هذا ، ذكره وقال ابن إسحاق . هو مقاتل: جندب بن ضمرة .
والرابع: أن اسمه سبرة ، فلما نزل قوله: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى قوله مراغما كثيرا قال لأهله وهو مريض: احملوني ، فإني [ ص: 181 ] موسر ، ولي من المال ما يبلغني إلى المدينة ، فلما جاوز الحرم ، مات . فنزل فيه هذا ، قاله قتادة .
والخامس: أنه رجل من بني كنانة هاجر ، فمات في الطريق ، فسخر منه قومه ، فقالوا: لا هو بلغ ما يريد ، ولا أقام في أهله حتى يدفن ، فنزل فيه هذا ، قاله ابن زيد .
والسادس: أنه خالد بن حزام أخو خرج مهاجرا ، فمات في الطريق ، ذكره حكيم بن حزام ، وقوله: "وقع" معناه: وجب . الزبير بن بكار ،