الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
قوله تعالى: الذين يتربصون بكم قال هذه الآية نزلت في المنافقين خاصة . قال أبو سليمان: كان المنافقون يتربصون بالمؤمنين الدوائر ، فإن كان الفتح ، قالوا: ألم نكن معكم؟ فأعطونا من الغنيمة . وإن كان للكافرين نصيب ، أي: دولة على المؤمنين ، قالوا للكفار: ألم نستحوذ عليكم؟ قال مقاتل: ومعنى: ألم نستحوذ عليكم: ألم نغلبكم على رأيكم . وقال المبرد: : ألم نغلب عليكم بالموالاة لكم . و "نستحوذ" في اللغة ، بمعنى: نستولي ، يقال: حذت الإبل ، وحزتها: إذا استوليت عليها وجمعتها . وقال غيره: ألم نستول عليكم بالمعونة والنصرة؟ وقال الزجاج ألم نبين لكم أنا على دينكم؟ وفي قوله: ابن جريج: ونمنعكم من المؤمنين ثلاثة أقوال .
أحدها: نمنعكم منهم بتخذيلهم عنكم . والثاني: بما نعلمكم من أخبارهم .
والثالث: بصرفنا إياكم عن الدخول في الإيمان . ومراد الكلام: إظهار المنة من المنافقين على الكفار ، أي: فاعرفوا لنا هذا الحق عليكم .
[ ص: 230 ] قوله تعالى: فالله يحكم بينكم يوم القيامة يعني: المؤمنين والمنافقين . قال : يريد أنه أخر عقاب المنافقين . ابن عباس
قوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه لا سبيل لهم عليهم يوم القيامة ، روى يسيع الحضرمي عن أن رجلا جاءه ، فقال: أرأيت قول الله عز وجل: علي بن أبي طالب ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وهم يقاتلوننا [فيظهرون ويقتلون] ، فقال: ولن يجعل الله للكافرين يوم القيامة على المؤمنين سبيلا . هذا مروي عن ابن عباس ، وقتادة .
والثاني: أن المراد بالسبيل: الظهور عليهم ، يعني: أن المؤمنين هم الظاهرون ، والعاقبة لهم ، وهذا المعنى في رواية عن عكرمة ، والثالث: أن السبيل: الحجة . قال ابن عباس . لم يجعل الله عليهم حجة . يعني: فيما فعلوا بهم من القتل والإخراج من الديار . قال السدي: لما وعد الله المؤمنين أنه لا يدخل المنافقين مدخلهم من الجنة ، ولا المؤمنين مدخل المنافقين ، لم يكن للكافرين على المؤمنين حجة بأن يقولوا لهم: أنتم كنتم أعداءنا ، وكان المنافقون أولياءنا ، وقد اجتمعتم في النار . ابن جرير: